قصة مشتركة بيني و بين صديقي محمد الخمسي بعنوان {عائلةٌ مشتتةٌ}
تتكون من خمسة أجزاء ألا و هي نزهةُ الخميسِ، الفاجعةُ، حادثةٌ أخرى، قاتلان، تلكَ الأرواحُ.
لن أُطيلَ عليكم بالحديثِ، إليكم القصة:
{نزهةُ الخميس}
1
في كل خميسٍ من أولِ كل شهرٍ كانتْ عائلةُ السيدِ عبداللهِ تذهبُ في نزهةٍ مع أخيهِ عثمانَ إلى غابةٍ نزيكةٍ يستمتعونَ فيها بوقتهم، و يمضونَ أفضلَ الأوقاتِ كانَ للسيدِ عبداللهِ ولدانِ أحدُهُما يسمَّى أحمدُ، و الآخرُ خالدُ، و كان متزوجاً بفتاةٍ جميلةٍ؛ و خلوقةٍ تُدعى هنادي تحبُّ صهرها و تحرتمهُ وكانَ للسيدِ عبداللهِ فتاةٌ تُسمى حنانٌ يقمونَ بحفلِ شواءٍ و يحتسونَ العصائرَ، و يتحدثونَ على الماضي عندما كانت زوجةُ السيدِ عبداللهِ حيَّةً، و يسترجعونَ ذكرياتهم الخاليةِ، و لكن على عكسِ باقي النزهاتِ فكان هناكَ شِجارٌ بينَ الابنِ خالد و والدهِ السيد عبدالله على أمرٍ حسَّاسٍ ألا و هو “الورثةُ” كانَ للسيدِ عبدالله أموالٌ كثيرةٌ و فكَّرَ خالدٌ أنَّهُ بإمكانهِ تقاسُمها الآنَ، و عرضَ هذهِ الفكرةَ على والدهِ فرفضَ و قالَ: ما بكَ يا خالدُ أتطمعُ في مالي و أنا حيٌّ أُرزقُ؟
ردَّ خالدٌ قائلاً: ليسَ هكذا يا أبي و لكن اخافُ أن أتشاجرَ معَ أخي و أختي بهذا الشأنِ بعدَ وفاتكَ لا قدَّرَ اللهُ…!
قال الوالد: انسى هذا الأمرَ يا بنيِّ بإذنِ الله لن يكونَ هناكَ شجارٌ…
غضبَ خالدٌ و راحَ يُكسِّرُ الأواني و يسكبُ الطعامَ على الأرضِ بأسلوبٍ بشعٍ! حتى اتت زوجتهُ و اخذتهُ وحدهُ و بدأتْ بالحديثِ معهُ قائلةً: اهدأ يا عزيزي لما كل هذا الغضب…؟ أكلهُ من أجلِ المــالِ..؟
قــال خالد: اصمتي أنا احاولُ ان اعيشكِ حياةً فهيةً و أنتِ تعرقلينَ الأمورِ..!
قالت هنادي: ألفَ مرةٍ قلتُ لـكَ أنني لا أُريدُ المالَ و إنما أريدُ العيشَ معكَ بسعادةٍ فقط و من ثمَّ أتى أحمدُ ينادي قائلاً: يا أخي خالد هي انهض تأخَّرَ الوقتُ و حلَّ اللَّيلُ و علينــــا المغـــادرة.. قال خالد: حسنــــاً قادمانِ…
{الفاجعةُ}
2
بعد أن لُم شعث وضم نشر وجمع شتات المشكلة العويصة، ركبوا في السيارة جميعاً، لم يسمع أي حدس ولا صوت وكأن الجميع قد بكموا، وصلوا جميعاً إلى بيوتهم، دخل عثمان إلى بيته الرث في بداية الزقاق، ودخل السيد عبدالله وعائلته إلى قصرهم الفخم، لم يغلقوا الباب لأن خالداً قد ذهب ليحضر بعض النواقص، رجع خالدً إلى البيت بعد إذ نسى النقود، وترك الباب مفتوحاً أيضاً؛ لأنه كان يظن أنه سيعود إلى السوق مرة أخرى، أحس بالتعب فقرر النوم..
استيقظوا صباحاً على صوت عويل حنان؛ فقد وجدت أباها مقتولاً، جمعت العائلة بسرعة فائقة، العم عثمان الذي كان مصاباً بحمى، خالد الذي ما زال مرتدياً ثياب النوم، وأحمد الأعزب الذي خرج بملابسه الداخلية القصيرة التي كان نائماً بها، أخذ الأب إلى المشفى، أخبرهم الأطباء بأنه قد توفي بضربة من سكين حاد اخترق الطحال وجاور القلب..
أجريت مراسم الدفن والعزاء، لوحظ بكاء السيد عثمان الشديد، بينما كان خالد وأحمد متماسكين لأعصابهما..
{حادثةٌ أخرى}
3
في فجر تلك الليلة أصابت السيد خالد وعكة شديدة؛ نقل على إثرها للمستشفى، تكفل أحمد بنقله، رجع أحمد إلى البيت فإذ به يجد حنان ووجها أزرق قاتم وكأن زرقة السماء في الفجر قد اجتمعت في بدنها، صاح وولول، وتأكد لديه أن القاتل هو خالد، فأخرج سلاحه، وتوجه لبيت خالد وضربه بطلقة طرقت على وريد الرقبة الأيمن فأبى أن يفتح فأخترقته حتى خرجت من الوريد الأيسر، اتصلت هنادي التي احترق قلبها من رؤية الموقف بالشرطة، مسكت الشرطة أحمداً، وأخرج العم عثمان من المشفى؛ فقد تحسنت حالته أولاً وليتكفل بمراسم العزاء ثانياً..
فرحة أصابت قلب عثمان بعد أن علم بموت حنان وخالد ولكنه أسرها في نفسه ولم يبدها؛ سداً لثلم مشاكل ليست في الحسبان، لم يرى عليه الشعور بالحزن في الوفاة، شك الناس في أن يكون قد استعان بقاتل ليقتل حنان، ولكن الفحوصات أثبتت أن حنان قد توفيت بسم قد دس لها، والاحتمال الأقرب أنه خلط مع فوار الأسبرين..
{قاتلان}
4
بعد كلِّ هذه المشاكل التي واجهت عائلة السيد عبدالله لم تنتهي بعد فإذ بعثمان يتلقى مكالمة هاتفية ليرى المتصل هنادي رد على الهاتف نعم ماذا هناك؟ تقول و هي تصرخ لما يحصل كل هذا معنى ماذا فعلنا بحق السماء! قد توفي أحمد وجدته الشرطة مقتولا برصاصة في رأسه و جروحٍ في جميع أجزاء جسمه و كأن شخصاً صب غضبه عليه، كانت صدمة لعثمان و لم يصدق ما كان يسمع فإذ به مغما عليه و يقع على رأسه بعد يومين خرج عثمان ليقوم بمراسم الدفن و العزاء مرة أخرى تنظر الناس إليه نظرة القاتل المتوحش حتى إن بعضاً منهم لم يأتي لتعزيته ظناً منهم أنه القاتل..
{تلكَ الأرواحُ}
5
خطوات على الأصابع لا تحدث صوتاً إلا قليلا وكأنها صوت الريح في شهر يونيو، تخيلوا أن يلتقي اثنان يريدان قتل بعضهما، وإذا هما وجه بوجه، كانت هنادي تحمل مسدساً أما عثمان فقد كان يحمل سكيناً، استغرب الاثنان وقالا بصوت واحد : أ لست نائماً الآن؟
قال عثمان : لا بل جئت لاغتصابك وقتلك مثلما قتلت عبدالله
فقالت هنادي : وأنا جئت لأقتلك كما سأفعل الآن وبف طلقة تخترق دماغه فخر ساقطاً..!..
لم تجد هنادي حلاً؛ فقد قتلت ثلاث أشخاص: حنان، أحمد، وعثمان، وكانت السبب في قتل زوجها..
وعلم أن عثمان قد قتل أخيه..
لا يزال هذا سراً لا تخبروا أحداً من فضلكم؛ فالأرواح قد نسيت ماذا حصل؟ وما زالت تتنزه كل يوم خميس بسعادة وأمان!
عبدالرحمن إمنيصير/محمد الخمسي – ليبيا