المثقف و السلطة :
هل يمكن للمثقف ا ن يكون مواليا للسلطة..؟؟ هل يمكن للثقافة المنتجة لعناصر النقد والرفض والتغيير في المجتمع , هل يمكن أن تنتج عناصر تحابي السلطة وتكون على وفاق معها في السراء والضراء…؟
هذا يقودنا اولا إلى تعريف المثقف وما المقصود بالثقافة , حتى نزيل اي لبس قد يظهر , ولعل اللغة العربية كانت اقدر من غيرها في التعبير عن كلمة الثقافة , فالفعل أثقف يعني قوم , ومنها أثقف الرمح أي قومه وجعله قادرا على إصابة هدفه , وبذلك فالمثقف والثقافة معنيان بتقويم الواقع واصلاح أخطاء السلطة …..وما أكثرها !!!!
السلطة تعني تقييد الحريات ومصادرة الرأي , السلطة تعني التفرد با لحكم وتزوير الإنتخابات , السلطة تعني رفض الآخر بل وأقصاءه , يقول برودون أحد منظري اللاسلطويه (( أن تكون محكوما يعني أن تكون مراقبا , موضوعا للتفتيش , متجسسا عليك , موجها , مقننا , خاضعا لنظام , مقفلا ومسيطرا عليك , خاضعا للضريبة , مقادا , ملاحقا , أن تكون محكوما يعني أن تخضع لأجر , تستغل , تحتكر , تغتصب , تسرق , وكل ذك بأسم المنفعة والصالح العام , ثم عند أ ول مقاومة أو كلمة تذمر , تضطهد , تغرم , تحتقر , تضرب , تسجن , تعدم, وفوق ذلك يسخر منك , يضحك ويعتدى عليك, … تلك هي السلطة !!!!!

سلطة هذه مواصفاتها !!! لا يمكن للمثقف ان يكون على وفاق معها , لأنها مهما قدمت من اسباب لتبرير وجودها ومهما صنعت من أساطير لأضفاء الشرعيه عليها , تبقي في النهاية سلطة تهدف إلى حكم الناس …
أن الفكر الذي هو وليد الثقافة , هو من يجب أن يصنع السلطة ويضع القوانين لها , وهذا مالا يحدث في مجتمعاتنا , حيث السلطة هي التي تصنع المثقف وتجبره على تملقها والتمسح بأعتابها , مثلما كان يفعل المداحون من الشعراء في عصورنا الغابرة . ويفعله أنصاف المثقفين وأشباه المتعلمين في عصرنا الحاضر .!!!

أن السلطة في ا لغرب التي نشأت على أنقاض سلطة الكهنة والملوك كانت نتاجا لفكر روسو وجان لوك ,و… أخرين غيرهم , فيما لا زال المثقف لدينا يبارك السلطة ويجد دائما المبررات لها حتى لو أدعت أنها تحكم بتفويض من السماء ..!!!!
أن توصف بأنك مثقف فهذا يعني أنك صاحب رأي , تملك رؤاك الخاصة التي تترجمها إلى موقف محدد من السلطة , أن المثقف يرفض الواقع دائما لأنه يتطلع إلى المستقبل , لذا فأنه لابد أن يكون على عداء مع السلطة حارسة هذا الواقع .
أن السلطة لاتعني بالضرورة القوة . فالمال سلطة , العادات سلطة , المجتمع سلطة , الدين سلطة, والقوانين سلطة.

امجاور اغريبيل – ليبيا