اقوى من الحب – أسماء مصطفى – ليبيا

اقوى من الحب

*************

_أنا سعيد جدا….هذه البدلة الرسمية تمنيتها منذ العيد الفائت ولم احصل عليها.

…احتضن أمه وقبلها ..فاحت رائحتها عندما اقترب منها ياسمين وعنبر وروائح اخرى جميلة جعلته يتمنى الا تنتهي تلك القبلة المشتهاة….. لكن أرتعاشة شفتيها وارتجاف يديها اقلقه وشغل باله وجعله يدقق في قسماتها عله يسبر غورها ويعرف ما تدس ورائها…… كان واضحا انها خائفة…… بدا وجهها في تلك اللحظة كلوحة متقنة لفنان ماهر اشتهر بنقش الذعر وتجسيده …………….اعطته تلك البدلة بسرعة…….. وذهبت وهي تتلفت ورائها لتتأكد ان لم يرها احد

…أستيقظ من نومه وهو يحاول ان يتمسك ببقايا دفء تركه طيفها الراحل…ونظر حوله ببطء ليتأكد اين هو؟؟ورأى تلك الغرفة الباردة الأركان الجامدة الملامح… الخاوية سوى من رفاقه .. غمغم وهو مغمض نصف عينيه ::

_ما اجملها كم مرت من ليالي وانا اعاتبها لانها لم تسمح لي بتمييزها ولو بالرائحة فقط.

….كان اصدقائه ينظرون له بدهشة وكأنه مجنون يهذي لكنه لم يأبه لهم ولم يحاول ان يفهمهم …المهم انه شعر انها هنا….تحوم حوله وتشعر بما يشعر…..حتى شجيرات الغضب التي نمت في صدره وترعرعت سنوات في جسده الغض لم تفلح في حرق لهفته لرؤيتها و وشغفه بقربها…….. سمع صوت المشرفة تطلب منهم الخروج الى المكان المعتاد لإستلام ملابس العيد التي أتى بها المتبرعين والجمعيات الخيرية..

….غدا عيد….

…..كان يكره طقوسه و ذلك الحب والحنان الذي يحوطهم به المسؤولين لحين انتهاء التصوير وتلك الهدايا التي يمنعون من فتحها حتى يكمل الزوار توثيقهم لأداء الواجب….. كم تمنى ان يكون عيده مع أسرة….اي أسرة حتى ولو لم تكن أسرته… ليرى كيف يكون العيد الحقيقي بعيدا عن ذلك السجن الكبير…..ذهب بأستسلام مع رفاقه رغم إنه مازال راغبا في النوم لعله يسترجع ذلك الحلم ويبقى معها وقتا اطول.

….بمجرد دخولهم الى تلك الغرفة الواسعة المكدسة بالملابس الجديدة اخذ يبحث عن البدلة التي طالما تمناها وحلم بأمه تشتريها له… الا إنه لم يجد واحدة مقاسه وكان صديقه أوفر منه حظا ….بارك له دون ان يتمكن منه ذلك الأسى الذي استبد به العيد الماضي…. …. و اكتفى ببدلة خفيفة لم يدقق في مواصفاتها لأنه كان يتعجل العودة الى غرفته ليستعيد كل تفاصيلها… وجهها……شعرها…….فرحه بالبدلة التي أشترتها والقبلة التي منحتها ….رائحتها التي تمناها طويلا…..آه من تلك الرائحة التي لن يستطيع ان يصفها لأحد …..سيلملم ما تبقى من شذاها ويحتفظ به في خزانة روحه زادا لطريق لا مؤنس فيه الا الوحشة ولا دثار غير قرس الحرمان.

.تلك الليلة لم يكرر عتابه لها لانه تأكد ان ذلك الخوف الذي لمحه في عينيها اقوى من الحب

أسماء مصطفى – ليبيا

اترك رد

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s