الكرسي♦️

ظل مؤرقا تلك الليلة ينظر الى ذللك الكرسي الكبير في الطرف القصي من غرفة الجلوس بحسرة….كم جلس عليه وكأنه سلطان وكم أمر ونهى دون ان يسمع كلمة إعتراض ولا حتى مجرد نقاش من زوجته وابناءه الذين تساووا… بل تنافسوا على طاعته و الامتثال لكل ما يطلبه…… اشعل لفافة تبغ بعصبية ظاهرة ويد ترتجف واخذ يراقب بأمتعاض دخان سيجاره الكثيف وتلاشي حلقاته .. حلقة وراء حلقة تراءت له كعقدين ونيف من عمره ربما ستندثر هي ايضا بسهولة بعد الكلام الذي سمعه من زوجته ذلك الصباح البغيض. ….لن يبقى بعد ان طالبته بالخروج من حياتهم حتى يتسنى لها علاج ماحل بهم من خراب بسببه على حد قولها……اقشعر جسده وهو يتذكر كلامها وتشابكت اسنانه بشدة حتى سمع صريرها وتحركت تفاحة حنجرته صاعدة هابطة بسرعة محاولا ان يبتلع ريقا نضب وجف ….. لم يستوعب ماقالته حتى الآن …. ولا يعرف كيف تجرأت و كسرت جدار الاحترام والهيبة الذي شيده وحافظ على متانة بنيانه طوال تلك السنين؟….

….سيرحل…. رغم عدم رغبته في الرحيل……عدم رغبته؟؟؟ ضحك ساخرا من هذا الوصف لأنه في حقيقة الأمر كان مرعوبا من هذا القرار الذي اتخذه حفاظا على كبريائه واعتراضا على غضب زوجته الذي لم يكن في حسبانه

…..جمع ملابسه قديمها وجديدها …احذيته….اوراقه ….كل ما يخصه وضعه في الحقيبة الكبيرة الفاغرة فاها لإزالة كل اثره من الغرفة ….واخذ يبحت طويلا عن نظارته لكنه لم يجدها…….كان متأكدا ان ابناءه لن يسمحوا له بالرحيل وخاصة ابنه الاصغر احمد الذي كان يهرع اليه بسرعة البرق عند دخوله البيت حتى ان كان نداؤه غيرموجه إليه حفاظا على رضاه….ترى؟؟ …هل حفاظا على رضاه؟؟ ام تحاشيا لسورات غضبه؟….لا لا…احمد بالذات يحبه حتى عندما عاقبه بالأمس بسبب جلوسه على كرسيه الخاص لم يتأثر ولم يتخذ ضده اي موقف كعادته دائما…. لن يدعه يخرج من هنا وسترى زوجته المصون انها مخطئة فيما ظنت……تأكد ان اماكن ملابسه في الخزانة اصبحت خاوية فأقفل حقيبته وجرها ببطء في ذلك الممر المؤدي الى باب الخروج وتعمد ان يصدر صوتا اثناء مروره بغرفة المعيشة ….دق قلبه بعنف عندما سمع احمد يناديه.

….توقف .

…….والتفت خلفه ليجده يمد له نظارته ثم يضع له حذائه جانب الباب…..نظر الى تلك الكدمة الزرقاء تحت عين صغيره بأسى …وخرج دون ان يقول كلمة أسف علقت في حلقه ولم تجرؤ على الخروج.🎗

أسماء القرقني – ليبيا

Asma elgargani

2020/7/8