حيواتُ الحياة ..

واعلم رحمَكَ الله أن في المطرِ حياة

ألستَ ترى في انهمارِهِ عليك وعلى الدوابّ والأرضِ مُجدبةً ويانعةً كيف تدُبُّ فيك وفيها الحياة.

لعمري كمُلامَسَتِكَ سلكاً كهربائياً إلا أن المطر يُحييك وذاك قد يميتك على الأغلب.

واعلم رحمك الله أن صوت المطر ينفردُ ياسيدي بخاصيةٍ مذهلة

ألا وهي قدرتُه على بعث الذكرى فيك وإحيائِها من جديد

كانت حلوةً أم مُرّة ..فإذا زارك الصوتُ مرةً ووجدتَ صدرك يضيق وقلبك ينقبض فاعلم أن الصوت أشعل فيك ماخمدَ من سنين.

واعلم رحمك الله إنَّما حياتُك هذه جُزءٌ مِن حيواتٍ مُتجَزِّئة.

فلك في الكتابة حياة، فأنت تشعر بأنك مختلفٌ فقط عند إمساكِكَ للقلم، فكيف وقد بدأت بالكتابة ؟! لك أن تتخيَّل.

ولك في الصلاة حياة، طبعاً باستثناء أنّ الصلاة يمكن أن تخلدك في نعيمٍ مقيمٍ جزاءً لك وإكراماً من الآمرِ بها، إنّ الصلاة تمنحكَ المزيد من الإصرار على العيش، تجعلك أقوى، الصلاةُ هي ملاذُك الآمنُ في الدنيا عندما تحومُ فوقَ منزلِكَ الهشِّ – وأقصدُ بذلك القلب طبعاً – همومٌ كالسحابِ المُرسلات، ومُمَهِّدَةٌ لك لحياةٍ هي أفضل من هذه وعيشٍ أرغد من عيشِك، فصلاتُكَ حياتُكَ المَجَازيةُ إن جازَ التعبير.

ولك في الحُبّ حياة، ولك في الفنّ حياة، ولك في قول الحق حياة، ولي في الشعرِ حياةٌ أعتبرُها حياتيَ الأبدية وخلوديَ المُمَجَّدَ المُتَجدِّد !!

وبإيجازٍ مُوجَز :ألا أيُّها النَّاسُ فلتَسمعوا تُرفَعوا، وتقَبَّلوا تعتلوا، وإن تُعرِضوا كذلك تُفلِحوا فلستُ بنبيٍ إمّا أن أُصَدَّقَ وإما عذابٌ مُهين ..في النهاية لستُ إلا قريناً لكم ولي مالكم وعليّ ماعليكم

ولكلٍّ مزاجُه

ولكن بعد رميِ المزاج من النافذةِ أو خلعِه كقُبَّعة وتركِه على الطاولة قليلاً ليرتاح ، سترى أنَّه لابدّ من كلامي.

ألا إنَّ كُلِّ لحظةٍ في حياةِ المرءِ هي بحدِّ ذاتِها حياةٌ فاغتنموا كل لحظةٍ، خيراً وشرَّاً، وإنّ من الحكمةِ التَمَتُّعُ بلحظات البُؤس، والتَّلَذُّذُ بها لا يكون إلا من رشيد.

هذا ما كنتُ أرمي له، وأجري وراءَه، وهأنا قد أطلتُ وأسهبتُ في الحديث، فعذراً ..ولكن لابُدَّ من ذلك.

محمد صلاح الحكمي – اليمن