من لا يحب الزهور شريرٌ .. قصة للطفل ….. …………………
وجد الجدّ أنه من الصعوبة بمكان ، إقناع الحفيد ، بأن يغير رأيه ، و يتراجع عن هذا المعيار ، الذي اتخذه في حكمه على أصدقائه ، و كل من يلقاه ، ” من لا يحب الزهور شرير” حتى أنه ذات مرة ، قال له جده : إذا ما صرت يوما قاضيا ، و وقف أمامك متهما ، و أدركت من حديثه ، أثناء استجوابه ، أنه لا يحب الزهور ، ستقضي بإيداعه السجن ، فكان جواب الحفيد : لا يجدي ، سأقضي بإيداعه إحدى الحدائق الغناء ، الممتلئة بالزهور، ليتخلص من شروره ، و يصبح إنساناً جميلا نقياً. و إذا ما فشل علاجك ؟ أبداً ما فشلت الزهور يوماً يا جدي ، في أن يستمتع بأريجها من يشتمها ، و فيروس الشر لا يصمد رمشة عين ، أمام روائح الزهور، إذ يتلاشى في الحال ، و يصير من كان مصابا به نعم البشر . سأله الجد : يبدو أنك واثق مما تقول ؟ كل الثقة ، أجاب الحفيد ،. فعصام يا جدي العزيز ، من كان يستمتع و ينتشي بإيذاء زملائه في الفصل و الشارع ، لم ينقذه من هذا الشر سوى “قَرْوش” صغير استنبت به زهرة قرنفل ، كنتُ قد حملته ذات يوم إلى بيته ، واستطعت إقناعه أن يعتني به لبضعة أيام ، حتى أعود من سفري ، و قدمت له كرةً كان يحبها ، و عندما عدت إليه بعد أسبوع ، و جدته يرجوني كي أتنازل له عن الزهرة ، فقلت له إنها هدية مني لك ، فهي و منذ الآن ملكك ، سُرَّ كثيراً . و من يومها لاحظت كما لاحظ غيري ، ما طرأ من تغيّر على سلوكه ، و كيف أصبح شاباً رائعاً ، يُقبل الجميع على كسب وده ، و أكثر من هذا عندما طرق ذات يوم ، باب بيتنا ، ليقنعني بجدوى الاشتراك معه ، في إقناع أبناء الحي ، في أن يقوم كلٌ منهم بغرس زهرة في “قروش” صغير أمام بيته ، ليصبح الحي و بعد حين حديقة غناء . تعج بمختلف أنوع الزهور . و هنا سأله الجد لقد جاء في حديثك لفظة ” قروش” نعم يا جدي .. قصدت “أصيص” و هو إناء أو وعاء تُستنبت فيه الزهور و الورود ، لتكون قريبة من محبيها ، تزين البيوت ، و تزيدها بهاء.. الجد حينها ما كان له أن يمنع نفسه من احتضان حفيده ، تغمره سعادة أن حمل اسمه “عُمر” .
عبد العزيز الزني / درنة / ليبيا/ 27/ فبراير/ 2018م