لعبة اللاشيء ..
أستيقظُ كلَّ يومٍ بتثاقُلٍ كَالباندا..
كما لو أنني أرغبُ في البقاء حتى اليوم التالي في نفس المكان.. إن لم يكن التّمني أن أنامَ كأصحابِ الكهف لأتخطى أزمنةً تالية.. أتسائل، لمَ قد أنهض؟!..
إنه لترفٌ كبير أن تبقى حيثُ تشعر بالراحة.. تتجانسُ الكثير من المعطياتِ الخاملة كخمولِ الحياةِ التي يركضُ الجميع خلفها..
غباءٌ منقطعُ النظير.. أن تنهض لتدور في حلقةٍ تحفُّها الأشواك وتخاطر بال…. ب ال ماذا؟! باللاشيء!!؟
عجيب حالنا نحن البشر.. مالذي نمتلكه لنخاطر به؟؟.. ومالذي نخاطر به لنمتلك ما هو أهمُ منه؟!!
كلُّ شيءٍ جائزٍ في ساحة المخاطرة.. أن نُضحِّي أو يُضَحَّى بنا..
لا قوانينَ ثابتة.. لا قواعد ولا أُسُس..
حسناً.. لربما عليا التساؤل عن السقف الذي أنظر إليه كل يوم ولا يزال ثابتا في مكانه!..
ألا يشعر بالملل، التعب، الخمول، الأرق، المقاومة، الاضطهاد، الحرمان، الغضب،…. ، ألا يشعر؟ !!
بل فقط صنع ليضلّ مكانه!.. ماذا إن شعر بالحنين للأرض يوما ما؟!.. يبدو أن أحدهم سيكون الضحية لأجل ذلك اللقاء..
التفكير بالأمر مخيفٌ قليلاً لذا أقاوم للنهوض..
كل شيء على ماهو عليه.. حتى خزانةَ الملابس..
أقسم أنني أشتقت لملابسي الثمينة تلك..
منذ متى لم أخاطر بارتدائها واستعراضها أمام المرآة؟!..
المرآة!! … هذه قصة أخرى..
هل أصبحتُ عاجزةً عن مواجهةِ نفسي؟.. ملامحي باتت باهتة!! .. هل أفقدها حمّامُ الصباحِ بريقها؟.. بتُّ أخاف التساؤل عن تلك الألوان الداكنة تحت عينيّ.. هل ستختفي إن التقيت بوجهي في أحد المرايا المعلقة بأرجاء المنزل بعد أيام، أسابيع، أشهرٍ… أو أكثر؟؟..
حسنا ليتني أمتلك حقّ التخلُّصِ منها كما فعلتُ بتلك الموجودة بغرفتي.. فقد ضاع مني شغف اللقاء.. سقط سهوا عندما التقيت بأحدهم ذات يوم.. بعيد أم قريب حقيقةً لا أذكر.. فقد أغواني بريق حضوره فغفلتُ عن العودةِ ببعض الأشياء..
أنا فتاةٌ جدُّ قنوعة.. لا بأس بضياع البعض لأجل بقاء الكل..
كالعادة تُقاطع تساؤلاتي صيحاتُ جدتي خلف الباب ..
“الدنيا قايلة مش خاطر عليك تنوضي؟؟ ”
لا بأس بهزةِ رأس والقليل من الإمتعاض بسكون.. كسكون أسنان المشط التي تتصارع مع شعري كل صباح دون إصدار أدنى صوت..
وأجيب “فايقة فايقة”.. لما عليا التبرير؟!
أتمتم بغضب .. وإن كانت “قايلة”!!
مالذي تغير منذ ظهيرةِ سنينَ مضت حتى اليوم؟!.. لا شيء! .. ولكن، كذلك السقف خلقنا لنستيقظ بعض الوقت وننام البقية.. هذا هو النظام..
يصيح ذلك الصوتُ التهكميُّ بداخلي عندما افتح الباب..
“هاااا هي الملكة قادمة” على الرعية تجهيز شكواهم فوقتها ثمين.. ابتسم بسخرية..
لتبدأ الرعيّة بسرد قائمة المهام اليومية ذاتها..
كلُّ تلك التنقلات خلال اليوم.. وحتى يحين موعد الاسترخاء تحت ذات السقف، الذي قد يتغير من استلقى تحته ألف مرة ولا يستلقي محتضنا الأرض.. هي ذاتها “اللاشيء” الذي نسعى لامتلاكه كل يوم.. معادلة غير عادلة!! ..
إن استيقظت يوما لتجد اللاشيء قد فقد منك..
حينها تكون خارج اللعبة..
#Hoda
لعبة اللاشيء..
هدى خرواط
ليبيا
