الحب في موسم البطيخ ..
( الدلاعة) ،،، أنا والفتاة والبطيخة ..
كان شهر يوليو سنة 1976 م ،،، موسم غلة الدلاع ،،،
عمري حينها 14 أربعة عشرة سنة ،،، أرسلتني أمي لأشتري دلاعة من سوق الخضار ،،، كان قريب جدا من شقتنا في شارع الضمان الزاوية الغربية ،،،
إشتريت الدلاعة وساعدني البائع بوضعها على كتفي وتحركت بحذر بإتجاه البيت ،،،
بينما أنا في طريق العودة ، رأيت فتاة عمرها تقريبا 12 إثنى عشرة سنة جالسة في السيارة لوحدها ،،، يبدو إن أبوها أوقف السيارة وذهب للسوق لشراء بعض المستلزمات ،،،
كانت الفتاة تنظر إلي وتبتسم ،،، فما كان مني إلا الوقوف والنظر إليها بفرح و زهو ،،، فإخترت مكان على قمة حائط ( كان فاصل بين رحبة السوق والطريق ) ، جلست على قمة الحائط و وضعت الدلاعة بجانبي مثبتها بيدي ،،، وأمعنت النظر والابتسام لتلك الفتاة البريئة وهي تبادلني النظر مع إبتسامة كانت تذغدغ قلبي المرهف الصغير ،،، وبينما أنا أسرح بخيالي مع تلك النظرات وإذا بأبيها قادم فإرتبكت و خفت ، حاولت أن أقفز من الحائط فسقطت البطيخة وتكسرت ،،، وضحكت الفتاة بصوت عالي ،،، لكن أبوها لاحظ خجلي و إرتباكي دون ان يفهم سبب وقوفي على الحائط ،،، فقال لي سلامتك سلامتك يا ولدي خدت سوك ،،، ونظر لأبنته نظرة فيها حزم فتجمدت الفتاة دون حراك ،،، وأنا مبهوت بحسن تصرف الاب معي و زعلان لأن الفتاة توقفت عن الابتسام وخائف من ردة فعل أمي على خسارة البطيخة ،،، رجعت للبيت ببطيخة مهشمة وقلب دافيء ،،، سألتي أمي خيرك خيرك ديما مسبوه ،،، قلت لها لقد ثعثرت وسقطت مني البطيخة ،،، أخدت الشبشب ، فإنطقلت هاربا فحدفتني به كانت رمية موفقة وقع الشبشب على ظهري وقالت لي والله غير يروح باباك يا كلب توا تشوف شن عقاب تفشيخة الدلاعة يا مرخي ،،، كنت أبتسم ، وصورة تلك الفتاة مرسومة في خيالي ومن شدة بساطتي جلست مرارا وتكرارا على قمة ذاك الحائط بإنتظار الفتاة لكنها لم تعود الى ذاك المكان أبدا ،،،
طبعا حكيت لأصحابي عن تلك الفتاة ونسجت قصة حب لم تحدث ،،، وكانو يستمعون لقصتي بشغف وكأنها فيلم سينمائي ،،، وكنت أنا مزهو بذاك الانجاز الذي تكسرت فيه بطيختي وكانت جائزتي بسمة دافئة فيها سحر وشجن ،،، نسجت عليها بخيالي حكايات وحكايات …
كانت حياة بسيطة تتراقص فيها مشاعرنا بالحب من أحداث يومية تتكرر معنا ،،، كم عشقت صدق وبساطة تلك الايام ….
عبدالباسط دخيل – ليبيا
… 28/06/2020
