جواسيس بنو عثمان
الحكاية الأولي: زكريا بن راضي وبركات بن موسى
كتب / محمود عمرون
«الشهاب زكريا، يا مولانا»
ارتفع صوت الحاجب، فأشار السلطان الغوري له بالسماح
دخل زكريا بن راضي، كبير البصاصين، عيناه كالصقر، يرصد كل شيء، الجالسون، المقاعد، الحراس
حتى عمامة الغوري نفسه ألقى زكريا عليها نظرة فاحصة: ماذا تخبئين تحتك؟
الحرب مع بنو عثمان على الأبواب، الغوري أرهقته مطالب المماليك ونفقتهم، والمصريين ضجوا من طغيان المماليك، والمماليك أعداء أنفسهم!
ترى هل تحتمل أعصابك يا غوري؟
زكريا ينظر للسلطان، تذكر الغلام الذي مات سرا
قتل بمشيئة زكريا، ومشيئة زكريا تعلو
– مولاي، هذه أسماء الجواسيس
عيناه ترقبان الثعبان البدوي «بركات بن موسى» والي الحسبة وأتابك العسكر، يهم بالانقضاض عليه، أن يسحب خنجره، ويطعنه في قلبه، سوف تقولين آه يا وسيلة، سوف تبكين لو مات الزيني
قال له بن موسى معاتبا عن وسيلة الرومية بنت السبعة عشر عاما، أنها كانت ورقة، في حربهما
هل نعد، أنا وأنت أعداء؟
صدقني، احترت في فهم العلاقة التي تنقلب عداوة في لحظة، ثم تعود بردا وسلاما في اليوم التالي
ماذا يربطني بك؟
نظر زكريا لخصمه الذي ابتسم وكانما يطلع على أفكاره ويكشف ما يحدث به نفسه
هو يقرأ افكاري، ابو الخير المرافع عندما دفعه للغوري كان بركات ينتظر، يلعب لعبته بذكاء: كش، مات ابو المرافع!
بركات يراقب زكريا، استخدمتك وسوف استخدمك، كالدابة، حتى تقوم الساعة
لم نكن اصدقاء، انا وانت لم نكن في يوم اصدقاء
هل يصادق الذئب، الذئب
اسال وسيلة تخبرك!
السلطان الغوري في السرداب، يبحث عن فتى جميل، كالقمر في حسنه، كلف شركس بالبحث عن الغلام، اختفى من اسبوع، كيف يسرق سلطان؟
الذي اقتنص الغلام يكيد للسلطان، يدرك ما وراء الحجب!
غلامك يا غوري، قتله زكريا، عذبه ليال طوال فى الزنزانة، بلا هدف
ثم خنقه بيده، وتكفل مبروك بالجثة
نفس اليد التى يصافحك بها، ذبحك بها!
عندما علم زكريا بسعى الامير شركس لاكتشاف السر، قام ببيعه
– الجند المماليك ثائرون يا مولانا
– الخزينة فارغة
– المماليك عندهم
– من؟
– شركس، يكرهه الناس وتكرهه المماليك، وربما هو نفسه يكره نفسه
هكذا مات شركس، ومات الغلام للابد!
من يفتش خلف كبير البصاصين يدفع حياته، لا تهاجموا اسدا جريح
الاسد الجريح اعمى، وزكريا اعمي!
محمود عمرون – مصر