بيت على التل – على غالب الترهوني – ليبيا

بيت على التل (20 )

____________________

طريق واحد ذلك الذي يفضي إلى احراش السياح يمر بالاحياء المجاوره إلى أن ينتهي عند مزرعة الفستق عند السفح المتاخم للارخبيل الذي تنام إلى جواره بيوتات تناثرت على امتداد الصبر لكن والدي كان يختصر المسافه بطولها هذا لان الطريق لا يتفرع ويظل ملاصقا للطريق المعبد حتى يصل إلى بلدة الخضراء بإمكانه هناك أن ينزل راجلا ويتخذ درب الدخيلة غير أنه كان يتحاشى المسافة التى قد تستهلك نصف يومه تقريبا حيث لا يمكنه أن يتجاهل سوق الأربعاء الذي يمتد على ضفتي الطريق العام إلى ما بعد محطة بنزين دراقو – كان باعة الخضار يشرعون في عروضهم الزاهية على اسياخ من الخشب أغلب الظن أنهم يتشاركون في بناءها على هيئة طاولات بطول خمسة أمتار وعرض مترين ونصف وفيما يتجاورون مع باعة الفحم والافران والعلف وعلى الحاشية الأخرى تتراصف سيارات القلع باغطيتها المشمعه يعرضون ملابس الشتاء القادم ومن وراءهم على ضفة الطريق الفرعي يوجد باعة البخور والعنبر واللوبان والمباخر الخزفيه المزينة بوجوه النساء السودانيات فيما يجلسن عجائز طاعنات يلوكن السواك كلما فتحت إحداهن فمها ظهرت اسنانهن المحاطة بالهالة الحمراء حتى السواد كان والدي يتحاشى باعة الباخور والجاوي يقول أن رائحة النساء تبعث على الغثيان سمعته مره يتحدث عن الأسواق في المدينه لجارنا مصباح – في المدينة لا توجد شيخوخة مبكره ياحاج كل ما هنالك نساء طاعنات لو هن يعشن عندنا لاقبل الشباب على الزواج منهن – كان ينتقد رائحة العرق والبخور وروث الدواب لذى فهو يتحاشى المرور من ذلك الطريق عوضا عن ذلك فإن المسافة نفسها تحتاج إلى مشقة كبيره فالطريق الذي يأتي بمحاذاة النهر المنحسر ويبدأ من مملكة دوغه ويشق المروج المتاخمة لعمائر مزرعة الباروني لمسافات متباعدة إذ أن النهر قد ينحرف في نتؤ مباغث ويسمح لسكان الدخيلة والصالحين بالمرور دونما متاعب وقد اعتاد الناس منذ زمن على شق كامبس وجلب الماء أيام القحط الذي مرت به البلدات المتاخمة للنهر تقول أمي – لم يمضي على زواجي من أباك الا بضع شهور حتى وجدت نفسي احمل قربة بحجم كبير على ظهر الدابة وأنا أسير مع الأخريات متشوقة لمنظر القصب الذي استطال من الجوف حتى كاد أن يصل الضفة بشعاشيط خضراء هي قلب عين الماء الناضحة على الدوام لكننا كنا نسرى مع الفجر قبل أن يسبقنا الرمل ويمتص الماء تحت وطأة الجفاف –

بعد درب الصالحين وعلى الضفة الملتصقة بمزرعة جوني كانت الناس تتجمع هناك بعضهم من كان قاصدا سوق الأربعاء تترنح دوابه بحمولات الجلد والتوالب والمباخر الفخاريه التى يبتاعونها من سوق الأحد على تخوم المدينة ليعيدون عرضها في الخضرا للوافدين من ممالك تارغلات ومسلاته وهناك من كانت دوابه تترنح بالاقمشه واحذية النساء والنطوع المبهجة وبسط الكليم الذي يأتي به باعة اخرون من بلاد تامورت يعرضونه على باعة الجملة في مدينة ترهونة ليعيدون الان عرضها في السوق العتيق لتمضي بعد ذلك قافلة واحده ترتفع وتهبط متماهيه مع ظروف الأرض الريفية ولا تستريح القوافل حتى تصل إلى الخضراء –

كان والدي يتحاشى ذلك كله وهو قادم من طرابلس ما ان يجتاز الخرمه حتى يصل إلى مثلث سوق الجمعه يهبط من السياره ويشق الطريق التى تمر بالاحراش ومزارع الكرم والزيتون والتي تمتد بمسافة نصف ميل حتى تصل السياج الأخضر الذي يفصل ما بين مزارع الزيتون وارخبيل الفرعونية وكنت أنا وامي نراقبه من مكاننا على ذات التل وما أن نرى شبحه من بعيد حتى نتتبع دربه وهو يمضي حثيثا نحونا وقد رأيته الآن يقترب من الفرعونية هتفت لأمي – أنه هناك ها هو يلف جرده تحت ذراعه وحمولته على ظهره أمل أن يكون قد جلب لي بدلة العيد –

منذ الصباح البستني أمي طقم جديد كان ذخري في العام الماضي ارتديته ثلاثة مرات فقط مره في العيد الكبير ومرة حين ذهبت بي أمي لالتقي مع بيلسان وهذه المره لاستقبل أبي بعد طول انتظار – أما هي دخلت لغرفتها لترتدي ما يليق بهذه المناسبه سأظل اراقبه ما ان يصل السفح اركظ نحوه لاتشبث بعنقه مثل كل مره –

________________

على غالب الترهوني – ليبيا

اترك رد

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s