حقيقة الشمعة ..
كنت وأنا صغير أعشق ضوء الشموع ..
وأعشق الشمعة بذاتها ..
وتراقص نورها ..
وطريقة ذوبانها ..
ونقص طولها ..
كلما زادت فترة رقصها ..
وأعشق ليونتها ولزوجتها ..
وتعلمت أشياء كثيرة منها ..
تعلمت منها ……
كم هي مرهفة السمع لأبسط هبة من هبات أنفاسنا ..
تعلمت منها …..
التضحية بنفسها من أجل إنارة المكان والطريق ..
تعلمت منها …..
إنه لابد من الحرارة لتبقى رطبة ولينة ..
تعلمت منها …..
وعلى نورها العلم في أحلك ليالي العمر ..
تعلمت منها …..
أنها نادرا ماتنطفئ إن لم تحافظ عليها وتحميها وتسترها ..
فقط بوجودك حولها ..
ومنع رياح اليأس والخوف والظلم ..
من الهبوب على رأسها ..
.. ولكنني عندما كبرت ..
وأمعنت النظر في الشمعة ..
وأقتربت منها أكثر وأكثر بعقلي وقلبي وأحساسي وعلمي !!!…
فعرفت الحقيقة ..
التي لم يخبرني عنها أحدا ..
عرفت أن الشمعة هي …”المرأة” …
فتذكرت الرقصات ..
والليونة والذوبان ..
والإضاءة والحرارة ..
وتذكرت ليالي أمي ..
وأمهات كل البشر ..
فعرفت عظم المرأة ..
ونعمة وجودها ..
في هذة الدنيا المظلمة ..
.. يأيتها المرأة ..
.. يأيتها الشمعة الغالية ..
سأضع نفسي تحت قدميك ..
كصحن فنجان القهوة ..
لأحميك من السقوط ..
وسأتحمل حرارة ذوبانك ..
من أجلك وأجلي وأجلنا ..
وسأتحمل كل ظروفك ..
وسأحتوي كل ذوبانك الأخير ..
ليجمد على صدري ..
ويكون وساما ودرعا أتشرف به ..
.. عفوا أيتها الشمعة ..
.. شكرا أيتها المرأة ..
يوسف الكيلاني – ليبيا
