حكاوي الشيخ دبو – رزق البرمبالي – مصر

حكاوي الشيخ دبو (٢) _الكاسر

وصلت إلى مقهى “ريعو لاهث الأنفاس، ألقيت بجسدي المثقل بالهموم أسفل المروحة، والعرق ينز من جسدي نزاً،

طلبت زجاجة ماء بارده وكأس من عصير الليمون المثلج، رويت ظمآي وحمدت الله على نعمه،

ربت على كتفي” الشيخ دبور” قائلاً:

_دبور يُحَيك بالبخور وثواني ويرجع لوجهك النور والسرور والحبور، أشرت له بيدي أن لا، فصدري لم تخبو ناره بعد،

أخرج من جيبه غطاء المبخره النحاسي، فكتم الدخان وخبت النار، ولما رأني مهموماً ضحك وقال:

_ليه الهم والغم وفوران الدم؟!

كنت أتوق أن أحكي له كل شئ علني أخفف عن نفسي عبء ماتحمله من هموم، ولكني تذكرت ان الجميع يئن ويتوجع مثلي، وقلت له عباره مختصره وشامله:

_الراتب لم يعد يكفي لأسبوع،

تنهد تنهيده طويله وقال في حسره:

_والله الناس بتكلم نفسها في كل مكان،

_لكن دا ظلم

_الظلمُ ظلمات يوم القيامة، وأردف: من شاف بلاوي الناس هانت عليه بلواه، إسمع هذه الحكايه :

في أفريقيا الوسطى حرقوا المساجد وقتلوا المسلمين أحياء، وعندما علم بذلك “الكاسر” زعيم الغابة ضحك كأن لم يضحك من قبل ولمعت عيناه فإزداد بياضهما وسط سواد وجهه، ونظر إلى رجاله ودار حول نفسه وهو يعبث بسبابة وابهام يده اليمني في لحيته ثم قال:

_إستعدوا يارجال، ثم استطرد : لنذهب إلى المدينة قبل بزوغ الشمس،

عم الخبر أرجاء المدينة بمقدم الكاسر ورجاله، فإلتزموا ديارهم وتوسدوا خوفهم،

بدأ بعمل شيئاً لم يتوقعوه حتى في أحلامهم، أحزن القتلة وأسعد المسلمين، إذ بدأ ببناء المساجد التى أحرقوها!

ظن المسلمين أن الله قد هداه، لكنهم سرعان ماتيقنوا أنه مازال في ضلالة وشركه، إذا فرض رسوماً على دخول المسجد، وكان يضاعف تلك الرسوم كل فترة، وليوم الجمعة رسوما خاصة،

بدأ بعد ذلك في وضع المتاريس في الطرقات ومن يريد أن يعبر فعليه دفع الرسوم لرجاله، التى تزداد تدريجياً كل عام أول أقل، كان يجمع هذه الأموال لبناء قصره الضخم مثل جسده، وكان يقول لرجاله أريد قصراً يتحاكى به العالم،

كلما نفد المال وتوقف البناء، يفكر في حيله جديده يجلب بها الأموال منهم، ففرض رسوماً على الزواج ودفن الموتى، والحماية وهذه كانت مخصصة للمسلمين فقط،

توقف البناء، وأخبره رجاله أن أهل المدينة في غضب يكاد يعصف بهم، ولفتوا نظره من خوفهم اذا ماهبوا هبة رجل واحد،

ضحك بسخرية وقال:

_سنعمل عليهم حفلة شواء!، واردف السجون تتألم من الجوع!

ثم أخبرهم بتحصيل رسوم على عدد مرات العلاقة الحميمة بين الزوجين!

نظروا إليه وقد عقدت الدهشة وجوههم،

تذمر الناس وقال أحدهم : زوجتى متوفاه منذ زمن، وقال أخر : إني مريض وعاجز، لم يعبئوا بهم،

ثم إنه بعد ذلك فرض رسوما على كل عازب، وعندما سألوا عن السبب قال:

_رسوم السعادة في العيش بدون إمرأة!

يقف مزهوا أمام قصره الذي بدأت تتضح معالمه ويُخال إليه أن التاريخ يضحك ويشير بيديه محيياً،

ذات يوم سأله أحد رجاله وقال:

_لدينا أموال طائله في الغابه من بيع قرون العاج والجلود، ثم اردف متسائلا:

_لماذا لا تأتى بها ونكمل تشييد القصر؟!

قال له ضاحكاً: إذا حدث ذلك سينعم أهل المدينة ويكون لديهم الوقت في التفكير ووضع الخطط، وعندها نكون قد إنتهينا،

دخل إثنان من رجاله الإسلام، لما بدا لهم من أخلاق المسلمين، لكنهم أخفوا إسلامهم

خوفا من الفتك بهم من قبل الكاسر، وذات ليلة تسللوا إلى خيمته وأغمدوا حرابهم في صدره، وصاحوا لقد قتلنا الظلم، فتجمع أهل المدينة معهم وطاردوا رجاله، ثم نصبوا لهم المشانق في باحة القصر،

رزق البرمبالي – مصر

#قصة_قصيرة/٢٠٢٠

اترك رد

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s