هدنة من الحياة ..

لو يمنحني القدر هدنة من الحياة! هدنة تختلي فيها نفسي بنفسي وترتوي روحي من روحي!

هدنة أُنصت فيها مليّا لبوح طيّاتي و أنعمُ بصدى أنفاسي، أتأمّل إنسياب وجداني وأرافقه لمكامن خلوته، أمضى أوقاتي فقط برفقة ذاتي.. أتخلّص من تضاربات نسق الأيام.. أقتفي أثر تشابكات عقلي، ألتقط طرف إحداهم و أفكّ عقدتها، أفكّهم كلّهم بالتوالي..

هدنة أتنفّس فيها دون غصّاتي.. أزيح صراخ صوتي الداخلي.. أترجّل من غير عثرات و أعود أدراجي بلا خيبات.. أتلفُ شظايا الماضي و أنسج خلايا جديدة و نقيّة للغد.. أنام بلا حاجة للخلود على قمم الأطلال و أصحى دون عبور أروقة الذكريات.. أمضى ليوم جديد خالية من زيف البدايات و متأمّلة فقط صفاء النهايات..

هدنة أرمّمُ فيها شروخ البارحة و أرتّب على أكتاف الندوب..

لو يمنحني القدر هدنة كهذه و لو لمرّة واحدة عندما تدير لي ظهرها الحياة!!!

سأجمعُ كلّ ما يملأني و كلّ ما يعجّ حولي، سأحرقهم في قِلاع الذكريات و أنفي رمادهم في خانة المنسيات…

خولة السايبي – تونس