للخيال بقية ..
انطلق الحاج على وهو يحث الخطى الى بيت الشيخ مبروك الذى يستضيف سالم الذى عاد لتوه من المدينة بعد ان غاب عن القرية قرابة العشرسنوات فبعد وفاة والدته الحاجة عالية رحمة الله عليها وحيث لم يبق له احد فى هذه الدنيا سواء اخته التى تزوجت مبكرا من ابن عمها مفتاح الذى يعيش فى العاصمة لذلك قررسالم ان يسافرالى العاصمة ويجد لنفسه عملا هناك فهو لا يحب العمل فى الزراعة ولا الرعى فقام ببيع ما لديه من اغنام وسافر الى العاصمة ومنذ ذلك الوقت انقطعت اخباره ولم يعرف عنه اى شى الا امس حين وصل القرية من جديد وهاهم اهالى القرية يتوافدون على بيت الشيخ مبروك لتهنئة سالم بالسلامة ولمعرفة اخباره فالقرية تنعم بسكون قاتل لااحداث جديدة تذكر وتعتبر معزولة عن العالم وعودة سالم تعتبر حدثا مهما سيغير بعض الشى من الرتابة والجمود الذى يخيم عليها … ولما اقترب الحاج على من الدواميس وديارالشيخ مبروك المبنيات بالطين نادى باعلى صوته ياعرب ياهل البيت وكانت هذه عادة اهل القرية فى الاستئذان واذا بلقاسم ابن الشيخ مبروك يجيب تفظل تفظل يا مرحبا سلم على الحاج على وادخله المجلس واذا بمعظم اهل القرية مجتمعون وبدا بالسلام من ناحية اليمين ثم جلس وقال امالا وين سالم ؟ فنظراليه الشيخ مبروك وقاله اهو جنبى كه يا حاج على ماعرفتاش ؟ فنظر اليه الحاج على ورمقه بنظرات تعجب فهيئته قد تغيرت كثيرا فعندما سافرالى العاصمة كان عمره 20 عاما اما الان فهو قد جاوز الثلاثين وتغيرت ملاحمه وتغيرت هيئته ولباسه وبعد صمت ساد المكان قال الحاج على سامحنى راهو ماعرفتك لكن البوطويل هذاغيرك ياسر (( البوطويل هو السروال الافرنجى )) فظحك الجميع ثم اردف الحاج على قائلا والله ما نحسابه الا من جماعة القائم مقام جاى للشيخ مبروك .فرد عليه الشيخ مبروك المدينة ليها لباسها والقرية ليها لباسها .
قام عبدالله قائلا لسالم بالله تحكينا شنو صارفيك من اول ما مشيت لين رجعت للقرية ضحك سالم وقاله معناها نبى عامين وانا نحكى ياعبدالله … قاطعهم الشيخ مبروك قائلا اسمعوا ياجماعة توا فيه الصلاة على النبى العشاء واتى خلى نتعشوا وبعدها لكل حادث حديث ودخلت صوانى العود وفيها الوجبة المعروفة عند الضيافات الرسمية اللى هى البازين والحاج مبروك معروف بكرمه وحالته باهية ودائما صاحب واجب بعد تناول العشاء ومرور الغسيل وبدا الحاج عمار يخدم فى الشاهى ويرغوى فيه فالحاج عمار معروف هوزعيم الشاهى فى المناسبات قام الشيخ مبروك وقاللهم انا ناديتكم اليوم صحيح باش نستقبلوا ولدنا سالم ونرحبوا بجيته ولكن فى نفس الوقت فيه شى جابه سالم من المدينة خوخمنى وحاجة ما قدرت نفهمها ولاسمعت بيها ولاقريتها فى الكتب الاولى ولاالتالية ويمكن تكون من علامات اخر الدنيا… خيم السكون على المكان حتى الحاج عمار توقف عن تخديم الشاهى والكل انصت باندهاش منتظرين الافصاح عن هذا الشى الغريب الذى حيرالشيخ مبروك وهو اعلمهم وارجحهم عقلا فاكمل الشيخ مبروك كلامه قائلا سالم جاب النا شيئ لانعرف هل هو انس والاجان وقال لسالم تكلم يا ولدى ووريلهم ها الغريبة العجيبة اللى جبتها معاك ..
فقال سالم يا هلى قبل ما نحكى قصتى وشنو صار معاى انا جبت معاى من المدينة اختراع جديد الناس فى بلاد برا تعلمت وكل مرا ايطلعوا شى جديد وغريب واللى جبته معاى شى اسماه الراديو هذا الصندوق العجيب ايجب الخبرمن اخرالدنيا واخرج لهم من فوق السدة صندوق خشبى كبير وبعد انا عالجه ووضعه وادار احدى الازرار التى تفتح واذا به يخرج صوتا له وشيش ثم ادارالزر الاخر وبدأت تخرج الاصوات المختلطة وهو يحاول ان يعدله على صوت واحد واذا بالحاج على يتفل فى صدره ويقول تحصنا بالله تحصنا بالله هذا صندوق مسكون خير دعوتك يا ولدى شنو صارلك ؟ وماهى الابرهة حتى استقر الصوت واذا بصوت شيخ يتلو القرأن بصوت شذى جميل يأسرالقلوب والالباب انصت الجميع وهم فى ذهول تام حتى وصل القارى الى قول الله تعالى ((فعسى الله ان يأتى بالفتح اوأمر من عنده )) واذا باحدهم يطرق على زجاج السيارة واذا بى فى طابور البنزينة وقال لى يا خوى انت خيرك راقد والا شنو؟ راهو تبهدلنا فى ها الطابور لينا اكتر من ساعة واحنا نسوخو فى الشمس على جغمة ها البنزينة لولا الصغار اللى نوصل فيهم الصبح للمدرسة ماعاد نحركها ها الشقفة فابتسمت وقلت له ((فعسى الله ان يأتى بالفتح اوامرمن عنده )) وللخيال بقية.
محمد النفار – ليبيا