دروب مغلقة ..
منذ ان بعث لها طلب صداقة على الفيس بوك وهي تلفت نظره بما تكتب على حائطها… وحتى تعليقاتها له كان لها وقع مميز في نفسه…..من خلال ما تكتب عرف انها ليست تافهة مثل الاخريات فهي لا تمدح نفسها ولا تنشر حياتها الخاصة وتجعلها مشاعا للجميع….لا تشتم شخص غامض وتطلب من جميع اصدقائها ان يتحسبوا عليه…..كان يراها بالفعل مختلفة….مميزة….متفردة….وهو يحتاج لهذا النوع من النساء….يحتاجه جدا في هذا الوقت الذي تصحر به قلمه وجف نبع الهامه….فقد كان عبدالرحمن شاعرا وكاتبا وله متابعين كثر يعشقون كتاباته الجميلة….لكنه منذ فترة فقد الالهام….فقد من تجعله يكتب وتستفزه ليسطر اجمل الكلمات واعذبها من جديد بعد توقف دام لفترة طويلة…..ولكنه كان يرى في دروب مغلقة دربا جديدا للكتابة والابداع…..لقد كان اسمها على الفيس بوك دروب مغلقة….حتى اسمها استفزه ليعرف المزيد عنها ويعرف لماذا اختارت هذا الاسم بالذات وهي التى كانت اللغة طيعة لها في كتاباتها وكأنها ابنتها البارة التي لا ترفض لها طلبا…..كل شي كان يجذبه نحوها…ويثير فضوله ليعرف معلومات اكثر عنها…
استيقظ ذلك الصباح وفتح الفيس وكان يريد ان يبحث عن اخر ماكتبت ولكن بدون ان يبحث كان اول شي صادفه هو منشور لها منذ دقيقة واحدة…..كانت تضع صورة لأمرأة تجلس على الارض وسط الطبيعة الخضراء وترفع يديها الاثنتين الى الاعلى ومجموعة من الطيور تحلق بالقرب منها وقد كتبت على تلك الصورة(ليتني احلق مثلها)
وكتب لها تعليقا على ذلك(حلقي عاليا….فلا تليق بك الا القمم)
كان منشورا عاديا وصورة مكررة ربما نراها في الكثير من الصفحات ولكن اي شي يراه من دروب مغلقة سواء كان مميزا…او عاديا مكررا ..يعجبه….لا بل يهيم به اعجابا …كل يوم كان يمر يزيد اعجابه وفضوله وافتتانه…..الى ان جاء ذلك اليوم الذي كتبت به جزء من اغنية الاطلال لكوكب الشرق ام كلثوم(اعطني حريتي اطلق يديا انني اعطيت ما استبقيت شيا)….قرر عندها ان يتكلم معها….عقد العزم….فلن يستطيع ان يكون صامتا في اعجابه اكثر من كل ذلك الوقت……ودخل الى الدردشة وكتب لها مساء الخير ولم يمضي وقت طويل حتى ردت عليه ورحبت به بكلمات مقتضبة…..وكان حديثه معها ذلك اليوم لا يتعدى الرد على اسئلته فقط…..ولكنه لم ييأس فهذا هو الوضع الطبيعي للمحادثة الاولى…..ومع الوقت اصبح كل يوم يحادثها ويتكلم معها…..واصبحت سلمى…وهذا كان اسمها اكثر صراحة وانطلاق….اصبحت هي ايضا تنتظر دخوله الدردشة لتنطلق معه في حديث جميل ولا يمل ….الاثنان يلائم كل منهما الاخر في طباعه واسلوبه وعمقه واحساسه وقد سألها عن سبب تسميتها بالدروب المغلقة…..وقال لها (كيف تكونين دروبا مغلقة وانت بكل هذا البهاء والاحساس والجمال)…..وردت عليه يومها بجملة واحدة (لانني دروبا مغلقة) ولم يسألها تفسيرا لتلك الجملة المبهمة وتمنت ان يسألها لتستطيع مصارحته…ولكن هيهات…. فقد كان اقل مايقال عنه انه هائما ولا يريد شي حاليا سوى رؤيتها على الطبيعة…..نعم…كان يريد ان يراها….يريد ان يكتب قصيدة عنها….لا يستطيع الصبر اكثر من ذلك….وترددت سلمى كثيرا في مقابلته ولكنها وافقت بعد الحاحه ورجائه المتكرر لها
وتقابلا في احد المقاهي…..ورآها عبد الرحمن….كانت جميلة بالفعل مثلما تصورها…ولكنها يا الهي!!!…..لقد كان مذعورا ولم يصدق ما رأى….كانت عرجاء…تعاني من إعاقة شديدة في إحدى قدميها…ولا تستطيع المشي الا بمساعدة عكاز كانت تعتمد عليه كثيرا في تبديل خطواتها…..لقد الجمته المفاجأة ولم يستطع قول كلمة واحدة في البداية….ولاحظت سلمى كل ما شعر به….وقالت له بحزن(اعتقدت انك تملك من الذكاء مايجعلك تفهم…..)
لم يستمر اللقاء اكثر من ساعة كان عبدالرحمن يحاول فيها ان يخبئ خيبة ظنه……وحاولت سلمى ان تخبئ شعورها الهائل بضرورة انهاء المقابلة بعد مارأته من علامات الذعر والخيبة على وجهه.
بعد ان رجعت الى البيت فتحت الدردشة معه ووجدت جملة في نهاية آخر محادثة بينهما
(لا يمكن الرد على هذه المحادثة)
وعرفت انه قام بحظرها…كانت تتوقع ولكن ليس بهذه السرعة وهذه الفجاجة….لم تطمح ان يحبها وهي في ذلك الوضع….ولكنها املت في شيئا من الانسانية على الاقل…..وكتبت بحزن على حائطها
(قلت لك ان دروبي مغلقة وانت من كنت مصرا على التجوال فيها……لست آسفة على سقوط احد بائعي الوهم)
اسماء القرقني – ليبيا