المشاركة الفائزة بالترتيب الأول بمسابقة القصة القصيرة التي اقيمت بمجموعة منبر الأدب

المشاركة الفائزة بالترتيب الأول بمسابقة القصة القصيرة التي اقيمت بمجموعة منبر الأدب الأربعاء 18/11

توحد ..

صوت طرق خفيف على الباب أيقظني.لم أدري كم من الوقت غفوت بعد ذلك اليوم الشاق.كانت رحلة البحث عن غرفة للإيجار قريبة من الكلية،أشبه بالمستحيلة.لكن ذلك الماكر إستطاع أن يؤمن لي سكن في بيت تقطنه عجوز وابنها بعد أن أنقدته ثلاثة آلاف من الليرات عدا ونقدا.

نظرت في ساعتي إنها تمام السادسة صباحا مازال الوقت باكرا. فتحت الباب؛كاد قلبي ينخلع لقد أفزعتني تلك العجوز كانت دميمة، بعين واحدة ،ووجهه مكتنز وأنف أفطس.

بادرتني بتحية الصباح :هل أنت الساكن الجديد !؟

حركت رأسي أن نعم

قالت :أنا حسناء أم جميل صاحبة هذا البيت.

كدت أن أطلق ضحكة عالية لولا أن حبست أنفاسي،همست محدثا نفسي ألم يرى أبواها شكلها قبل أن يسمونها.!؟

راحت أم جميل تملي علي قوانين وأنظمة الحياة في هذا البيت وأنا أهز برأسي إيجابا.

لولا رغبة أبي رحمه الله أن أكون طبيبا كباقي إخوتي، لما اخترت هذا القسم مطلقا.كان حلمي أن أكون نجما في مجال الأدب والكتابة ولكن ما كل مايتمناه المرء ………

الجامعة عالم آخر تعرفت فيه على كثير من الأصدقاء بفضل روحي المرحة وأسلوبي في التعاطي مع الجميع .وحدها (سيرين)من لفتت انتباهي وجذبتني لها بسحر غريب .

هي مختلفة بكل شيء مثقفة ولبقة جميلة الطلة والحضور

عيناها قطعة من ليل حالك وشعرها أطول من صبري في غيابها،الوجه بدر والطول فتان.

نعم هي أنوثة متكاملة.قد أدمنتها وفتنت بها.

كل الأمور تسير على ما يرام لولا ما حدث صباح هذا اليوم (جميل) ذاك الشاب غريب الأطوار، لا يفارق نافذة غرفته المطلة على فناء المنزل الذي يقطنه مع أمه وكأنه مسجون بداخلها .

لطالما ألقيت عليه التحية لكنه لا يرد أبدا وكأنه لا يراني أو يسمعني.

سمعته يحطم و يصرخ بصوت مقهور فلم أتردد بالصعود إلى غرفته.

فتحت الباب وكم كانت المفاجأة رهيبة،راح يدفعني ويقول اخرج أيها المتطفل وأنا أجول ببصري جدران الغرفة المملوءة باللوحات الرائعة والغريبة.

أمسكت بكتفيه وقلت له من المبدع الذي رسم هذا !؟

قال وهو :ينتحب أنا.

أجلسته على كرسيه ورحنا نتحدث لساعات.على الرغم من أنه يشبه أمه كثيرا وكأنه نسخة عنها في القبح إلا أنه كان طيب القلب ومبدع.

معظم لوحاته غريبة،كانت الوجوه المرسومة غير مكتملة الملامح وبعضها نصف وجه إنسان ونصف وجه حيوان ….

إلا لوحة واحدة كانت معكوسة لم أتمكن من رؤيتها وهذا ما أثار فضولي.

أصبح (جميل)صديقي أزور غرفته من يوم لآخر وأمه العجوز تستغرب تلك العلاقة التي تربطنا.

حدثت سيرين وبعض الأصدقاء عن قصة جميل ولوحاته الخرافية ورحبوا بفكرة زيارته في غرفته وقضاء يوم مختلف

علنا نخرجه من حالته المتردية التي تزداد سوء يوما بعد يوم.

كان شعور جميل لا يوصف حين رأى أصدقائي فهي المرة الأولى التي يزوره فيها أحد .

راح الرفاق يثنون عليه والسعادة تحمله بجناحين وتحلق به،دخلت أم جميل تحمل أكوابا من العصير البارد للضيوف.

استدارت سيرين لتأخذ نصيبها وحينما رأت أم جميل أصيبت للوهلة الأولى بالذعر فسقط من يدها الكأس وعم الموقف صمت رهيب.

خرجت أم جميل غاضبة وحزينة وانسلت من عيني جميل دمعة أفسدت كل ما حاولت صنعه وراح يصرخ في وجوهنا: اغربوا عني وطردنا خارج المنزل جميعا.

لم تنم سيرين تلك الليلة وهي تشعر بالذنب مما حدث على الرغم من أنها لم تكن متقصدة فقررت أن تذهب في الصباح لتعتذر من جميل وأمه.

فوجئت وأنا أهم بالخروج للجامعة بسيرين تقف عند باب المنزل،أخبرتني بأنها قد أتت لتعتذر عما بدر منها أمس ثم نمضي سويا.

تقبلت أم جميل الأمر بابتسامة ورحابة صدر ودعتنا لشرب القهوة فوافقنا سعداء بالفكرة.

لأول مرة منذ سكنت معهم في هذا البيت أرى نافذة جميل مغلقة ولا أدري لماذا شعرت بضيق في صدري لوهلة (لا بد أنه حزين ومكتئب،ما كان علي أن أتركه أمس وحيدا)هكذا كنت أحدث نفسي.

أمسكت بيد سيرين وصعدنا الدرج المؤدي لغرفته،طرقنا الباب كثيرا ولم يفتح.

دفعت الباب بقوة،جحظت عيني من المفاجأة وسقطت سيرين مغشيا عليها.فلقد كان جميل قد تدلى من مشنقة صنعها لنفسه.

وأمامه اللوحة التي كانت معكوسة وقد رسم فيها أمه ووقع تحتها( لن أسامحكم)

حسان عبد القادر الشامي – سوريا

اترك رد

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s