المشاركة الفائزة بالترتيب العاشر بمسابقة القصة القصيرة التي اقيمت بمجموعة منبر الأدب

المشاركة الفائزة بالترتيب العاشر بمسابقة القصة القصيرة التي اقيمت بمجموعة منبر الأدب الأربعاء 18/11

الخبز في شنطة المدرسة ..

سنة 1972 م كنا نسكن في مزرعة تبعد عن أقرب دكان 3 كيلو متر, أنا أكبر إخوتي , أدرس بالسنة الرابعة إبتدائي , كان أبي يشتغل في سلك الشرطة وقد تم تكليفه بالعمل في منطقة بعيدة جدا علينا, يبقى بعيدا عنا شهر أو أكثر, كنت مكلف من قبل والدتي بإحضار الخبز من المخبز يوميا بعد خروجي من المدرسة, وقد كان ذلك متعب جدا لي, فقد كانت الشنطة المدرسية مثقلة بالكتب والكراسات, ومعها الخبز عند الرجوع تكون المعاناة مضاعفة لطفل عمره عشرة سنوات عليه أن يحملهم معا لمسافة 3 كيلومتر, وأنا ذاك الطفل الصغير خطرت لي فكرة بريئة لتخفيف معاناتي, أفرغت الشنطة من الكتب ولم يبقى في الشنطة إلا الكراسات والاقلام, وعند خروجي من المدرسة أذهب للمخبز وأضع الخبز في الشنطة المدرسية, تكرر ذلك عدة أيام متوالية وكل يوم أتعلل للمعلمين بأنني نسيت الكتاب بعضهم يتسامح معي وبعضهم يعاقبني, لاحظ أحد الطلبة عدم وجود أي كتب في شنطتي فأخبر مدرس الفصل, فهجم علي مدرس الفصل وأخد الشنطة وفتحها فلم يجد فيها أي كتاب, حينها صفعني دون أي سؤال وأخدني مع الشنطة وأدخلني لكل فصول المدرسة كي يحرجني أمام جميع الطلبة والمدرسين وهو يعلق بكلمات فيها الكثير من السخرية والتجريح ، وقد لاحظت بعضهم يضحك والبعض الآخر صامت حزين، وأنا مرتبك محرج, وجهي يتلون بكل ألوان الحزن والخجل, بعدها ضربني المعلم أمام الجميع, دون أن يسأل حتى عن السبب, كنت أتألم أبكي وخجول مما حدث معي. أنا لا أبرر فعلتي أعرف إن مافعلته خطأ.

بينما كنت غارقاً في حزني خارج الفصل شعرت بيد تربت على كتفي ويقول لي لاتحزن يابني, فنظرت فإذا به معلم الحساب, فزاد خجلي وبكائي, جلس بجانبي ذلك المعلم الفاضل وتكلم معي كثيرًا وأخد يدعمني وتفهم حرجي والسبب, وقال: لاتهتم يا إبني ستكون أفضل وأقوى وسينسى الجميع ماحدث. فعلا لقد نسى الجميع ما حدث إلا أنا لم أنسى شيئا وكل تلك الدراما الحزينة حتى بعد سنوات طويلة لم أستطيع نسيانها, إحترمت طيلة حياتي معلم الحساب, ولم أستطيع أن أتجاوز محنتي مع معلم الفصل فقد كنت دائماً أتحاشاه, لكنني حين نضجت تفاخرت بما فعلت, فقد آثرت إحضار الخبز لأخوتي الصغار وتحملت مخاطر عدم إحضار الكتب, ربما هو عمل صغير لطفل صغير لكنه يحمل معاني كثيرة, الحياة مدرسة كبيرة والعلم ليس في الكتب فقط ربما يكون في رغيف خبز أيضا ، ربما التربية تكون من معلم ناضج يعرف معنى التربية ثم التعليم. تسامحت مع ذاك المعلم, وإلتمست له العذر فكل إناء بما فيه ينضح, وإحترمت طيلة حياتي ذاك المعلم النبيل المعلم الانسان معلم الحساب .

سطر من كتاب حياتي ..

عبدالباسط دخيل – ليبيا

اترك رد

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s