المشاركة الفائزة بالترتيب السادس بمسابقة القصة القصيرة التي اقيمت بمجموعة منبر الأدب

المشاركة الفائزة بالترتيب السادس بمسابقة القصة القصيرة التي اقيمت بمجموعة منبر الأدب الأربعاء 18/11

العليّة ..

صعد سامر عليته مستعجلا ، فكان يتخطى درجات سلّمه ثلاثةً في كل خطوة ،

كانت بانتظاره دفاتره المبعثرة في كل أركان الغرفة ،

سقف غرفته بقناطر خشب الزان العتيق لم يكن عالي الارتفاع لذلك كانت رائحة الخشب ما تزال تملئ زوايا الغرفة المتقاربة من بعضها البعض ،

جدران الغرفة المبنية بالطوب الدمشقي القديم والتي كانت تمنحه برودة الصيف ودفئ الشتاء والراحة والأمان ،

جلس سامر ليستكمل ما كان قد بدأه ليلة البارحة من كتابة قصته الجديدة ،

حيث كان قد توقف عندما وصلت خلود الى منزلها

في الضيعة .

يقول سامر ..

كانت خلود بمفردها هذه المرة ،

طرقت باب منزلها ووقفت تنتظر للحظات ، سرحت بنظرها الى البعيد الذي كانت قد أتت من قلبه ،

ذلك القلب الذي كان يضخ في عروقها أدق تفاصيل الألم والحسرة على ضياع تلك السنوات من عمرها ،

فُتح الباب فكانت والدتها هي من استقبلتها أولاً ،

نظرت خلود الى حيث نظرت أمها فوقع نظر الاثنين معاً على تلك الحقيبة الكبيرة ،

يبدو بأن زيارتك ستطول هذه المرة ،

كان هذا السؤال هو ما نطقت به السيدة حسناء فكان عناق خلود لها هو جوابها الذي لم يدع مجالا للشك بأن الاقامة ستطول ، بل ربما ستكون دائمة ،

دخلت خلود وهي تجر حقيبتها خلفها ، فكانت كل خطوة تخطوها بثقل ما تشعر به من ألم ،

ثم ألقت بثقلها على الأريكة وجلست وهي تغطي وجهها براحتيها وكأن الذي بها لا يشبه الا تلك البراكين الخامدة والتي لا تدري متى يحين وقتها لتقذف ما بجوفها من حمم ،

ثم جلست امها بجوارها وراحت تربت على كتفها لعلها تخفف من وطأة ما تشعر به ابنتها ،

هل هذه أنتِ يا خلود !

أين قوتك وعنفوانك ، اين بريق الحياة الذي كان يلمع في عينيك باستمرار

لماذا انطفأ وميض وجهك فذهبت تلك الاشراقة الجميلة ،

نظرت خلود الى وجه أمها والدمع ينهمر على وجنتيها تاركاً خلفه جواباً على كل تلك الأسئلة ، فما جدوى الحديث ومواسم القحط قد أنبتت الشوك في أعماق التربة المالحة ، تلك ملوحة الأيام الخوالي ، يوم كانت خلود لا تزال طفلة تلهو أمام المنزل ،

يوم كانت خلود ياسمينة الحياة المعلقة على خصر امها النحيل ،

قبل أن تداهمها يد الغريب لتقطفها قبل أن تُزهر ،

قبل أن تزهو الأيام بسحرها ، يومها لم تكمل بعد عامها السادس عشر ،

وما لخلود وشح الموسم ،

ما لها وقلة المطر ، ما ذنبها لو مات القمح في سنابله من قلة الماء ،

وكأنها السبب في كل ما حدث ،

فزواجها كان الثمن الذي تقاضاه والدها لإنقاذ موسمه من الخسارة ،

أما اليوم وبعد أن عادت خلود لأهلها جالبة معها شمعتها التي انطفأت وشبابها الذي ذبل ،

ها هي الآن تقف لتخطو بعض خطواتها باتجاه النافذة

راحت ترمق لون الورد الأصفر ، واغصان الياسمين التي غطت بأوراقها سقف النافذة ، تلك الياسمينة التي لم تتفتح أزهارها بعد ،

ربما لم يحن بعد موسم الياسمين ، بل لأن الأزهار قد ذبلت يوم رحلت خلود تاركة خلفها آخر ضحكة من ضحكاتها يوم لازالت طفلة .

حمد هلال – سوريا

اترك رد

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s