بناء الفكر الاستعلائي ..
يبدأ انحراف الإنسان عن قبلة التواضع وخفض جناح القيم عندما يفقد بوصلة التشخيص والتثمين المهاري لغيره، فيقحم فكره في دوامة المقارنات بقياسات مائلة فهو ينظر إلى غيره بمنظار التشخيص الخارجي فلا تظهر مؤشرات السبق على شاشة التسليم، ولا يطلق العنان لبصيرته لتتجول في أرجاء تكوينه العقلي والتي شَكّلت نسيج تميزه وتفرده.
عندها تبدأ نزعات الأنا بفرض سلطانها وتطويق مضمار (إثبات الذات) بتصورات سلبية عن غيره لم تُرسم إلا في خياله الذي نسجت فيه خيوط الاحتقار الهشة، وتبدأ مفردات الاستعلاء تظهر على سطحه التعبيري فيتخذ زاوية فوقية تنعكس معها صور غيره على عدسة تقييمه وقد جردت من ملامح الجمال والإبداع، عند ذلك يصل مرحلة الزهو فلا يسمع إلا همسه ولا يشعر إلا بكيانه، ويضيق الوسط عليه فلا يجد مساحة لغيره ولا يسمع إلا صدى صوته يتردد في أفق الرفعة والعنجهية.
قال تعالى:(( فَقَالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا )).
محمد فيصل باحميش – اليمن