بحر ..
وحدها، تنتظره على المرفأ، تقف بسكون مرسلة بصرها إلى حيث خط الأفق، عندما تراه قادماً تنصرف بصمت وتختفي عبر أزقة الأكواخ الترابية.
أرهقته بهروبها الدائم، دقات قلبه أصبحت ذات إيقاع مغاير لما اعتاده من رتابة الحياة حوله, معلنة عن ميلاد حبٍّ قلقٍ بحجم الأمواج على الصخور وصخبها الدائم.
ذلك اليوم، لم يبحر، انزوى بعيداً ينتظرها، تضاحى الوقت، لم تأتِ، شعر بالسؤال يحاصره.
حيث يقف كانت أعقاب السجائر تُعلن عن مرور الوقت القلق، اتجه إلى حيث الزقاق المجاور، قالت العجوز التي أطرقت برأسها إلى الأرض:
فتاة الميناء، إنها دائمة الترحال بين الموانئ، والوقوف على أرصفتها، تنتظر قدوم الذي أبحر ذات يوم ولم يعد.
لم تركن بعد لحقيقة أن من يأكله البحر لا يعود، ورصيفنا مثل بقية أرصفة الموانئ، وقفت به، انتظرت، رأت فيك صورة من تنتظر، أخبرتني بذلك ذاتَ مساٍء، لكنها ما كانت لتجلس هنا وتنتظر غيره.
ذهبت إلى ميناء آخر، قالت لي: ربما سيكون من بين القادمين إليه، لم أحاول منعها لأجل الحلم الذي تعيشه.
ابتعدت العجوز ، استرسل في ذهوله للحظات، عاد أدراجه إلى الميناء، نظر إلى البحر، حيث تطاولت الجروح بتعلقها بأستار وآمال وتعب وحلم ضبابيٍّ لم يكتمل.
مفتاح الشاعري – ليبيا