محض مفارقة ..
غداة زمن لا يبعد عنا إلا مسافة ذكرى، كان الكل يضربني، في الغالب الضربة تكون ممن لا تجمعني به صلة اولاً، ينتقل الضرب من درجة الي درجة حتي يصل الي أعلي مراتب القرابة، أضرب علي ذنب ارتكبته متعمداً أو اضرب بسبب لفظة خارجة عن سياق الأدب في شارع كانت لفظة العيب وحدها كفيلة أن توقف سيل من الاخطاء قد تعقب فعل أو لفظ، تكون موفور الحظ اذا ما التقطك من بين هؤلاء أحدهم جل ما يفعله هو أخذك من يدك واخبار ذوي القربى بما فعلت، هذا الأخير يوصلك من الأرض مباشرة الي أعلى مراتب القرابة لكي يقوم باللازم، لم نكن يومها نخضع لشروط التربية الحديثة والتي ما ان خضعت لها ربما تجد نفسك يوما ما أمام “منظمات حقوق الانسان” بتهمة امتهان كرامة انسان، بالرغم من غياب هذه المنظمات والتي تدعي دفاعها عنا، إلا أن بيئتنا كانت خالية تماماً من الملوثات السمعية والميكروبات المصاحبة لها كالتحرش اللفظي والجسدي، التي استشرت في مجتمعات حديثة ومجتمعات تدعي الحداثة كمجتمعنا، مدارس تغص باخصائيين وأخصائيات في علم الاجتماع، نجدها تغرق في وحل من الانحلال الفكري والأخلاقي وانعدام تام في الأدب، في ذاك الزمن الذي كما اسلفت لا يبعد عنا الا ذكري، كان مدير المدرسة أو معلم القرآن وحدهما ودون الحاجة الي الذهاب الي الجامعات و ارهاق أنفسهم في البحث في كتب فطاحلة علم الاجتماع ودون الالتحاق بمنظمات حقوق الانسان، قادرين علي ان يزرعوا فينا قيم بدأنا في فقدانها منذ ثلاثة عقود خلت، (فاصلة).
أبوبكر جابر القطروني – ليبيا