صَوتٌ مِنَ الشَّغَفِ
مَا مَسَّنِي
يُسرَى الْهَوَى وَيَمِينُهُ
إِلاَّ وَهَاجَ بِيَ اللِّقَا وَحَجُونُهُ
مَن كَانَ مَولِدُ أَحرُفِي مِن
قَبلِ مَولِدِهِ لِيَعلَم أَنَّنَا عِرنِينُهُ
كَم عُمرُ قَلبِكَ قَبلَ أَن ذَاقَ الْجَوَى؟
إِن كَان فِي عَشَرٍ، أَنَا تِسعُونُهُ
شَقِيَ ٱبنُ آدَمَ فِي الزَّمَانِ لِأَنَّهُ
لَم يَدرِ مَا مَعنَى الْهَوَى وَيَصُونُهُ!
فَانفُض يَديكَ مِنَ الْغَرَامِ وَسِلكِهِ
فَالْحُبُّ لُغزٌ لاَ تَكَادُ تُبِينُهُ
أَنَا مَن حَوَت يَدُهُ مَقَالِيدَ الْهَوَى
فَالْعِشقُ دَرسٌ عِندَنَا تَمرِينُهُ
أَنَا جَمرَةُ الشَّغَفِ الَّتِي يَعنُو لَهَا
مَن لِلشُّعُورِ وَبالشُّعُورِ مَعِينُهُ
نَشوَانُ، دَارَ بِيَ الْأُوَامُ كَأَنَّمَا
أَنَا فِي الثَّرَى نَهرٌ تَجُفُّ عُيُونُهُ
لَو كَان فِي الدُّنيَا الْبَقَاءُ لِعَاشِقٍ
مَا حَالَ بَينِي وَالْفِرَاقِ مَنُونُهُ
حَاشَى لِقَلبٍ لاَ يُحِبُّ تَلَوُّنًا
إِنَّ الْهَوَى سَنَدٌ وَذَاكَ مُتُونُهُ
مَالَ الْهُيَامُ بِهِ وَمَالَ بِيَ النَّوَى
هَل يَهتَدِي مَن فِي الْغَرَامِ جُنُونُهُ؟!
كَالنَّارِ أَو كَالسِّحرِ أَو كَالْجَمرِ أَو
كَالْوَعرِ عَقلِي حِينَ مَاتَ سُكُونُهُ
لِلْقَلبِ سَيفٌ حَدُّهُ مَوجُ الْأَسَى
أَم كَيفَ لاَ، وَلَقَد ذَوَى يَقطِينُهُ
نَفسِي تَفَجَّرَ صُبحُهُ صُبحُ الْبُكَا
لِفِرَاقِ مَن يَهوَى، وَزَادَ شُجُونُهُ
بِنتٌ جَمَعتُ لَهَا حُرُوفَ صَبَابَتِي
وَأَخَذتُ مِنهَا مَا الْفُؤَادُ يَدِينُهُ
هِيَ ظَبيَةٌ دَارَت بِهَا خَيلُ الضِّيَا
فِي ثَغرِهَا نُورٌ تَلِينُ غُصُونُهُ
هِيَ ظَبيَةٌ إِنِّي مَزَجتُ بِرُوحِهَا
رُوحِي فَطَابَ بِهَا الْحَشَا وَجَبِينُهُ
فَبِهَا ٱقتَحَمتُ الْاِشتِياقَ بِمُهجَتِي
وَبِهَا تَوَطَّدَ مَدمَعِي وَهَتُونُهُ
رَسَخَت حَصَاةُ حُلُومِهَا أَدَبًا فَفِي
تَصرِيفِهَا عَجَبٌ أَنَا لَقَطِينُهُ
شَرِبَت بِأَقدَاحِ السَّنَاءِ لَوَامِعًا
حَتَّى ٱرتَوَى مِنهَا السَّمَا وَبُطُونُهُ
نَطَقَت أَسِرَّتُهَا بِحُلوِ ضَمِيرِهَا
مَا كُنتُ أَزعُمُ أَنَّنِي سَأَخُونُهُ
تَمشِي وَيَفعَلُ بِالْعُقُولِ جَمَالُهَا
مَا يَفعَلُ الْخَمرُ الْمُسَكِّرُ طِينُهُ
فِي كُلِّ مِشيَتِهَا مِئَاتُ عَجَائِبٍ
فَالسَّعيُ تِينٌ مَشيُهَا زَيتُونُهُ
يَستَوقِفُ الْأَبصَارَ قُرَّةُ وَجهِهَا
كَم لِلْوَرَى فِي ذِي الْفَتَاةِ دُيُونُهُ!
لَمَّا تَفَتَّقَ نَورُ شَعرِ رُءُوسِهَا
فَحَسِبتُهُ قَمَرًا ٱستَتَبَّ قُرُونُهُ
فَنَسِيمُ رُوحِي مِن نَفَائِسِ رِيحِهَا
وَالرِّيحُ إِسلاَمٌ وَرُوحِي دِينُهُ
فَهُنَاكَ تَجتَمِعُ الثُّغُورُ وَيَلتَقِي
فَمٌّ بِفَمٍّ حِينَ يَدنُو حِينُهُ
صَوتٌ مِنَ الشَّغَفِ الْمُضِلّ حِكَايَةٌ
قَد حَاكَهَا مَن قَلبُهُ مَجنُونُهُ
مصباح الدين صلاح الدين أديبايو – نيجيريا
14/8/2021