مفارقة ..
قصة قصيرة / بقلم عبد العزيز الزني – ليبيا
كان الأمر معه يُسراً أحياناً وعُسرا أحايين لم تتوثق علاقته خلال حياته مع شيء مثلما كانت مع ضيق اليد لكنه ودائماً كان محتسباً وما كان أبداً متبرماً، في هذه الآونة اتسع ضيق اليد معه واشتدت وطأته، أحس بثقله أرهقه وزاد هذا قلت حيلته، ما عاد شيء في إمكانه، فمطالب العيش ما كانت تتوقف، بل صارت أكثر إلحاحاً، ما كانت الأيام لتتوقف أو تتلكأ ، ماضيةً كانت وكما قُدر لها.
ذات ضحي حدث أن قدم له أحد محبي عمل الخير صندوقين من صناديق ” الكمامات” و صندوقٍ صغير به قناني عبئت بسائل مطهر، وتفضل عليه أيضاً بكرسي صغير سيكون في حاجة له واقترح عليه أن يجرب حضه، لم يتردد قَبِل الاقتراح وأقبل عليه، أخذ بالنصيحة وإن كان هذا بحماس فاتر محدود، اختار ميدانا من بين ميادين المدينة المتعددة، استظل بظل شجرة توت عتيقة وقته أشعة الشمس التي ما عرفها يوماً أشد التهابا وقسوة مما هي عليه الآن، أقبل الزبائن عليه، استمر هذا الإقبال في اطّراد، نفدت البضاعة جاء بغيرها من ذات الرجل، صار يدفع له ثمن البضاعة مثله مثل غيره، بعد أن نقده ثمن البضاعة السابق أصبح في جيبه شيء من مال، تنفس وإلى حد طيب وكما يقولون الصعداء، أحس بشيء من مسرة ومثله بقيمته وكيانه وما كان يتوقف عن شكر الله ودعوته أن يديم عليه هذه النعمة ويحفظها من الزوال.
كان مقتنعا أن لجودة بضاعته يد في هذا الإقبال، وفوق هذا بشاشته وحسن ابتسامه وملاطفة زبائنه، حدث ذات مرة بعد أن استلم بضاعته ومن ذات الرجل محب فعل الخير أن اجتاحته فكرة بدت له ضبابية لكنها راقت له واستحسن لها، تمثلت في أن يكون له في المستقبل القريب مصنعا صغيراً لكنه قابل للتطور والنمو “للكمامات” و المادة المطهرة خاصة بعد أن أصبح يعرف عنها الكثير، اتسع ابتسامه و تنفس بعمق ودعا الله أن يكون عونا له وأن تتحقق أمنيته ويصبح يوما صاحب مصنعا كبيراً للكمامات والمادة المطهرة، و هنا قطع على نفسه أمام الله عهدا إذا بلغ ما يتمنى أن يكون ما عاش عونا لكل صاحب يدٍ ضيقة.
انتهت ……
عبد العزيز الزني – ليبيا
الأربعاء 18 / 8 / 2021
