قُمْ يا أبي عانقْ وقبّلْ موجَعَكْ
أدريكْ لا تقوى ؛ فخذ روحي معكْ
حرّك ولو رمشاً وفتّح مقلةً
وارفع إذا ميّزتَ صوتي إصبعَكْ
قلْ أيَّ شيءٍ ؛ لا تقل ؛ حسبي جوىً
أنّي لفرط الشوق أشهق أضلعكْ
ما نفعها الكلمات ؟!؛ همسُكَ في دمي
يسري وقلبي مُنصتٌ كي يسمعكْ
أفسح قليلاً لي فُبعدكَ قاتلٌ
ونهايتي كُتبتْ لأشهد مطلعكْ
أركان نعشكَ فوق متن قصيدتي
نُدبٌ ويكسر ظهرها أن ترفعَكْ
أبتي وفي عينيكَ حكيٌ مُوجِعٌ
فسقوط كفّي – يا فديتُكَ – روّعَكْ
هي طيحة الدنيا وليس يعيبني
أنّي انْكسرتُ وما وقفتُ لأجْمَعَكْ
ما كتْفي المخلوع إلّا أنّني
حاولتُ رفع الراسيات لأمْنَعَكْ
ما ميّتٌ غيري وحين منعتهم
أنْ يلمسوكَ أردتْ أنْ أتوقّعَكْ
الآن تخدعني وتصحو مرّةً
أخرى وتبصرني سقطتتُ لأخدعَكْ
أدري تلاعبني ؛ فطفلكَ لم أزلْ
مهما كبرتُ ؛ وجاهلٌ مَنْ شيّعَكْ
لٰولا أطلتَ النوم حدّ توّجسي
فانهضْ لنلعب َغيرها ما أروعَكْ !
الوقتُ : بعد العصر موعد نومهِ
لا تقلقوهُ صرختُ في مَنْ أفزعَكْ
ودنوتُ منكَ / دنوّ أمٍّ مرضعٍ
ضمّتْ ضناها / كي أهيّأ مضجَعَكْ
لم انتبه إلّا على صرخاتهم
كالموج قد عبرتْ إليكَ لتدفَعَكْ
حملوكَ لٰكنّي رفعتُ مسدسي
واغتلتُ خطْواتي لكي لا تتبعَكْ
يا أيّها الموصول حبلَ عبادةِ
بالعرش ؛ كفرٌ بيّنٌ أن أقطَعَكْ
لو كان في وسعي افتداؤك يا أبي
لوددتُ بي أن أفتديكَ وأشْفَعَكْ
أو أنّ نومي في فراشكَ نافعٌ
لقضيتُ عمري لا أغادر مخْدَعَكْ
لٰكنّها الأقدار صبّتْ سمّها
في كأسكِ المعسول كي أتجرّعَكْ
ضاقتْ عليّ الأرض بعدكَ يا أبي
ما أضيق الدّنيا عليّ وأوسَعَكْ
مِنْ أوّل المعنى إلى أقصى الرّؤى
هبني قريضاً يحتويكَ لأَذْرَعَكْ
يا يونس الأباء حوتٌ واحدٌ
أوحى له الرّحمٰن حتّى يبلَعَكْ
في حين حوت الشعر أعلن عجزهُ
مذ مطلع الأبيات لحظة صرّعَكْ
غطّيتُ قبركَ بالقميص تحسُّباً
للبرد لو رفع السياط ليلسَعَكْ
هبني اقتنعتُ بأنّ موتكَ ممكنٌ
مَنْ للفؤاد الطفل حتّى يقْنَعَكْ
تدري بغير هواكَ ما عيّرتني
يوماً ودونكَ لم تقلْ ما أطمعكْ !
مازلتُ أقنع أخوتي إلّا بما
قد خص أربعتي عليك وأربعكْ
شوقي إليك وغيرتي ومحبّتي
وشراهة التقبيل؛ عد كي أطبعكْ
لكَ حُلّ قتلي كيف يُعقل يا أبي
أنّي سأمنع عن وريديَ مبْضَعَكْ ؟!
فأمام قبركَ سوف يصلب نفسهُ
مَنْ رافقتْكَ يداهُ حتّى أوْدَعَكْ
لو عدّ ( عزرائيل ) كم نفساً رمى
يا والد المُستضعفين لأرجعَكْ
يا سهمَ حقِّ الله أيُّ يدٍ أوتْ
لكنانة الأيتام حتّى تنزَعَكْ ؟!
أوصدتُ دون الحزن شبّاك الحشا
مَنْ ذا وأنتَ الباب قام وأشرعَكْ ؟!
الموتُ عرّاني فلستُ بمدركٍ
أنّي أمام جنونهِ لنْ أنفعكْ
” ودّع ْ أباكَ ” تداخلتْ أصواتهم
ودّعتُ لٰكنْ لمْ أكُنْ مَنْ ودّعَكْ
عدواً سبقتُكَ للضريح فمصرعي
أعددتُهُ سلفاً لأدفعَ مصْرَعَكْ
أبتي وأمنيتي الأخيرة رشفةٌ
عُليا فقطّرْ في شفاهيَ أدمُعَكْ
الآن مرتاحاً أنامُ فقُم أبي
ودّع – بكلّ الحبّ – وادفن أصمَعَكْ
قصيدة: طيحة الدنيا
جبر علي بعداني – اليمن
