طيحة الدنيا – جبر علي بعداني – اليمن

‏قُمْ يا أبي عانقْ وقبّلْ موجَعَكْ

‏أدريكْ لا تقوى ؛ فخذ روحي معكْ

‏حرّك ولو رمشاً وفتّح مقلةً

‏وارفع إذا ميّزتَ صوتي إصبعَكْ

‏قلْ أيَّ شيءٍ ؛ لا تقل ؛ حسبي جوىً

‏أنّي لفرط الشوق أشهق أضلعكْ

‏ما نفعها الكلمات ؟!؛ همسُكَ في دمي

‏يسري وقلبي مُنصتٌ كي يسمعكْ

‏أفسح قليلاً لي فُبعدكَ قاتلٌ

‏ونهايتي كُتبتْ لأشهد مطلعكْ

‏أركان نعشكَ فوق متن قصيدتي

‏نُدبٌ ويكسر ظهرها أن ترفعَكْ

‏أبتي وفي عينيكَ حكيٌ مُوجِعٌ

‏فسقوط كفّي – يا فديتُكَ – روّعَكْ

‏هي طيحة الدنيا وليس يعيبني

‏أنّي انْكسرتُ وما وقفتُ لأجْمَعَكْ

‏ما كتْفي المخلوع إلّا أنّني

‏حاولتُ رفع الراسيات لأمْنَعَكْ

‏ما ميّتٌ غيري وحين منعتهم

‏أنْ يلمسوكَ أردتْ أنْ أتوقّعَكْ

‏الآن تخدعني وتصحو مرّةً

‏أخرى وتبصرني سقطتتُ لأخدعَكْ

‏أدري تلاعبني ؛ فطفلكَ لم أزلْ

‏مهما كبرتُ ؛ وجاهلٌ مَنْ شيّعَكْ

‏لٰولا أطلتَ النوم حدّ توّجسي

‏ فانهضْ لنلعب َغيرها ما أروعَكْ !

‏الوقتُ : بعد العصر موعد نومهِ

‏لا تقلقوهُ صرختُ في مَنْ أفزعَكْ

‏ودنوتُ منكَ / دنوّ أمٍّ مرضعٍ

‏ضمّتْ ضناها / كي أهيّأ مضجَعَكْ

‏لم انتبه إلّا على صرخاتهم

‏كالموج قد عبرتْ إليكَ لتدفَعَكْ

‏حملوكَ لٰكنّي رفعتُ مسدسي

‏واغتلتُ خطْواتي لكي لا تتبعَكْ

‏يا أيّها الموصول حبلَ عبادةِ

‏بالعرش ؛ كفرٌ بيّنٌ أن أقطَعَكْ

‏لو كان في وسعي افتداؤك يا أبي

‏لوددتُ بي أن أفتديكَ وأشْفَعَكْ

‏أو أنّ نومي في فراشكَ نافعٌ

‏لقضيتُ عمري لا أغادر مخْدَعَكْ

‏لٰكنّها الأقدار صبّتْ سمّها

‏في كأسكِ المعسول كي أتجرّعَكْ

‏ضاقتْ عليّ الأرض بعدكَ يا أبي

‏ما أضيق الدّنيا عليّ وأوسَعَكْ

‏مِنْ أوّل المعنى إلى أقصى الرّؤى

‏هبني قريضاً يحتويكَ لأَذْرَعَكْ

‏يا يونس الأباء حوتٌ واحدٌ

‏أوحى له الرّحمٰن حتّى يبلَعَكْ

‏في حين حوت الشعر أعلن عجزهُ

‏مذ مطلع الأبيات لحظة صرّعَكْ

‏غطّيتُ قبركَ بالقميص تحسُّباً

‏للبرد لو رفع السياط ليلسَعَكْ

‏هبني اقتنعتُ بأنّ موتكَ ممكنٌ

‏مَنْ للفؤاد الطفل حتّى يقْنَعَكْ

‏تدري بغير هواكَ ما عيّرتني

‏يوماً ودونكَ لم تقلْ ما أطمعكْ !

‏مازلتُ أقنع أخوتي إلّا بما

‏قد خص أربعتي عليك وأربعكْ

‏شوقي إليك وغيرتي ومحبّتي

‏وشراهة التقبيل؛ عد كي أطبعكْ

‏لكَ حُلّ قتلي كيف يُعقل يا أبي

‏أنّي سأمنع عن وريديَ مبْضَعَكْ ؟!

‏فأمام قبركَ سوف يصلب نفسهُ

‏مَنْ رافقتْكَ يداهُ حتّى أوْدَعَكْ

‏لو عدّ ( عزرائيل ) كم نفساً رمى

‏يا والد المُستضعفين لأرجعَكْ

‏يا سهمَ حقِّ الله أيُّ يدٍ أوتْ

‏لكنانة الأيتام حتّى تنزَعَكْ ؟!

‏أوصدتُ دون الحزن شبّاك الحشا

‏مَنْ ذا وأنتَ الباب قام وأشرعَكْ ؟!

‏الموتُ عرّاني فلستُ بمدركٍ

‏أنّي أمام جنونهِ لنْ أنفعكْ

‏” ودّع ْ أباكَ ” تداخلتْ أصواتهم

‏ودّعتُ لٰكنْ لمْ أكُنْ مَنْ ودّعَكْ

‏عدواً سبقتُكَ للضريح فمصرعي

‏أعددتُهُ سلفاً لأدفعَ مصْرَعَكْ

‏أبتي وأمنيتي الأخيرة رشفةٌ

‏عُليا فقطّرْ في شفاهيَ أدمُعَكْ

‏الآن مرتاحاً أنامُ فقُم أبي

‏ودّع – بكلّ الحبّ – وادفن أصمَعَكْ

قصيدة: طيحة الدنيا

جبر علي بعداني – اليمن

اترك رد

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s