الشوارعُ انهزاماتُ الضوءِ وانتصاراتُ الجُثث! – محمد حسني عليوة – مصر

‏الشوارعُ في كلّ المدنِ جابيةُ ضرائب

‏تُلزم العاهرةَ أن تُنقدها أجرةَ التسكع فيها

‏ومهارة التقاط رجلٍ يسقيها ويطعمها..

‏ويكسوها من عراءِ الوقتِ زمنًا تعيش فيه.

‏ثمةُ مسدس تتحسسه الشوارعُ

‏كلما مرّت بها امرأةٌ ما

‏وكأنما تقول لها: أمكِ مشتاقة لرقبتك،

‏لصورة الأشعةِ التي تُظهر ثقبًا نافذًا في رئتِيك

‏وروحًا تَسقطُ من سلالمِ الأفقِ الزلِقة.

‏الشوارعُ ليست بيتَ زكاةٍ لكلّ عاطل

‏الشوارعُ لا تعطي ظهرها للجميع؛

‏بل تشفطهم!

‏دائما ما تصنع الصُلبان

‏وتعلقها على النواصي ملاذاتٍ

‏تأمن لها الطيور والحشرات وبقايا زفير جثة،

‏ونظراتٍ تمارس الارتياح إلى ضوءٍ،

‏وأسئلةٍ تجيب على خيبات حيرتها.

‏الأمرُ يزدادُ إثارةً

‏كلما أرسلتُ قبلةً في الهواءِ إلى “لا أحد”

‏كلما نحتُّ في عظامي شريانَ قصيدةٍ إلى “لا أحد”

‏كلما نشرتُ أحلامي المهدرة على حبلِ غسيلٍ

‏أو كلما مسح لساني الأرصفةَ من فخاخها،

‏ليصل بقلبهِ الواهنِ نشوةَ الشبع..

‏إلى “لا أحد!”

‏الشوارع سيّدة التجارب..

‏أمّارةُ الناسِ بالسوءِ،

‏واختصام الزنادقة أيهم يصلُب “الرب” أو يقتله..

‏أيهم عند قيامته يُجبر الأرضَ أن تسترده

‏أو يعتق من لحم “يهوذا” نصلَ سكينٍ صدئ.

‏………….

‏”بوذا”،

‏”كونفشيوس”،

‏”لوثر كينج”

‏”نيتشه”،

‏”شوبنهاور”،

‏”ديكارت”

‏”موزارت”،

‏”بيتهوفن”،

‏”رياض السنباطي”

‏”شارلي شابلن”،

‏”مارلين مونرو”،

‏”صوفيا لورين”

‏”فريد الأطرش”،

‏”عزيزة جلال”،

‏”الفيس بريسلي”

‏هؤلاء، في الأصل، هم آلهةٌ بشريّون..

‏أتحبينَ أن أكتم هذه الفوهاتِ عن الصراخ؟

‏أتحبين أن أشوي لحمهم

‏وأذرّ رماد جثتهم في فيافي البحار؟

‏هؤلاء جميعًا من صحيفةِ تاريخي

‏هؤلاء ثوراتي المعنية بالعناءِ والحزنِ

‏والزحف والخرف والمجون والطاقة والتناص

‏والموتِ والنجاةِ والموسيقى والخلودِ

‏والشجنِ والبؤسِ والكآبةِ

‏والفضيلةِ والصعلقةِ..

‏هؤلاء ذنبُ الحياةِ المعلقِ

‏في رقبةِ الحلم

‏وأنا شخوصهم الممددة على منصاتِ

‏بيعِ الدمى/ المقربة للذبحِ

‏في أربطةِ الكهنوت.

‏………..

‏الشوارع المنكوبة بالخرابِ،

‏ليس فيها ظلٌ يسقي ربّها ما تيسر من ضياء

‏وأنا “ربها”/ الظمآن خمرًا،

‏فاعتقيه أيتها الأقبية المنسية في عذرية القتامةْ.

‏الشوارع المنكوبة بالخرابِ،

‏أنا “ربها”/ يبيع بَنيهِ في الطرقات

‏ويمضي قُدمًا بلا نبوءة في التقاءِ الشمس

‏أصطحبُ الليلَ في جيبِ قميصي الأزرق..

‏ليس فيه غير صناديقِ الشوارعِ الملغومةِ جُثثًا.

الشوارعُ انهزاماتُ الضوءِ وانتصاراتُ الجُثث!

محمد حسني عليوة – مصر

اترك رد

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s