شيء من شجن..
شيء من شجن يداعب فينا قلوب الربيع، وينثر على موائد الفرح في ليالي الشتاء الباردة باقة ورد وقنينة عطر، يضوع شذاها هنا وهناك، يلامس فينا تلكم الأبواب الموصدة، والأسوار، والقلاع المحصنة العالية،يصرخ فينا كأنه ذاك الصدى ،المسترسل هنا، والمكبوت هناك، في جنبات وادي المستحيل، يناجي ذاك المتلحف بعباءة الزمن البهيم! ولايكاد يبين!؟، ذاك المنتشي بحرقة الأيام، ووقار السنيين، ذاك المتألق بخصلات شعر قد تربعت كإكليل غار، خلف ستار الليل المظلم الحزين، شيء من شجن يتألق فينا عند الصباح، كلما تسلل وميض من نور، وكلما شنفت الأذان ذاك النداء، وذاك النشيد، شيء من شجن يُحْي فينا ذاك الطفل الملائكي السعيد، يعيد رسومنا ودفاترنا، وكل الألوان والخربشات، يعيد البراءة والطهر فينا، وذاك الصفاء، وذاك النقاء، شيء من شجن يرجع لنا الحب، يعيد لي كل قصص جدتي، وكل الشقاوة والحكايات، يعيد لي كتبي وطبشوري وحتى الضحكات، شيء من شجن يجتاح غربتنا، يستل من أرواحنا نصال الصمت، وذاك السكون الخاشع المطبق المهيب، يزورنا مساءاً كعصفور تائه يحلق حول الشمس عند الأصيل، حيث يغادر الزمن ذاك الزمن، وينتشي الرحيل بذاك الرحيل، عندما تغادر قوافل النور، ويطبع النور قبلة الوداع على وجنة الأفق الممتد البعيد، أه لكم ذاك الشجن يؤرقني، ويؤلمني، ولكم ذاك الشجن برغم الحزن يداعبني!
بشير أحمد الصور – ليبيا
