مشهد رقم “1” – منذر المهدوي – ليبيا

مشهد رقم “1”

جالس في غرفته يحاول أن يكتب شيئًا ذو قيمة، لكنه يجد صعوبة.. ليست المشكلة في قلة الأفكار بل في كثرتها، دماغه مستنقع والأفكار بعوض، يحاول أن يهدأ ويستجمع أفكاره ليختار فكرة يكتب عنها

الفلسفة؟ لا، الفلسفة معقدة عند الناس وتنفرهم وأيضًا سئم الحديث عنها وهو لا يحب تكرار المواضيع.

السياسة؟ يتخبط في هذا الموضوع.. السياسة نجاسة ولا أريد أن أنجس قلمي ولا نفسي.. يرد صوت في عقله: كونك إنسان فهذا في حد ذاته نجاسة، كلك نجاسة.. دمك شعرك أظافرك بولك لعابك.. كل شيء فيك نجاسة، والحياة كلها سياسة.. فإذا أردت أو لا فحتما تدخل السياسة في حياتك مادمت تعيش في هذا العالم فالسياسة شيء حتمي مثل الهواء؛ تتنفسه شئت أم أبيت.. فالأفضل أن لا تترك التنفس، بل أن تحرص على وجود هواء نقي.

تبًا، هكذا يقول.. يشعل سيجارته.. ينفث دخانه.. ينظر إلى سقف الغرفة، حسنًا يقول؛ ربما أكتب عن الطبيعة البشرية، فكرة تضيء في عقله.. أن الإنسان الجيد هو إنسان جيد سواء كان مسلم أم مسيحي، مؤمن أم ملحد، فهذه ستحل معضلة المتدين السيء والفاسق الجيد وحتمًا يوجد العكس..

يحك رأسه.. تبًا يردد.. من سيفهم هذا الكلام، إذا أردت أن أكتب فأنا لا أريد أن أكتب للمثقفين فهكذا نصبح منغلقين على أنفسنا وهذا الخطأ يكرره كل مثقفي هذه الأمة.. أريد أن أكتب لغير المثقفين، خطأ المثقفين الأكبر أنهم يكتبون لمن يفهمهم ولديهم الفكرة مسبقًا ولا يجتازون الحواجز التي بينهم وبين الناس.. هكذا قال لنفسه.

يضع قلمه على الطاولة يأخذ نفسًا عميقًا.. يقول لنفسه مجددًا: لن أكتب شيئًا.. ما فائدة الكتابة أصلاً؟ هل سيستفيد أحد إن كتبت؟ هل سيتغير العالم بحبر على ورق؟ وهل يستحق هؤلاء البشر أن أُتعب نفسي وأكتب لهم؟

يقوم من مكانه متجهًا إلى باب الغرفة.. تلمع فكرة غريبة في جمجمته.. سأكتب ما كنت أفعله الأن وما كنت أقوله لنفسي.. يمسك القلم يبدأ بالكتابة:

مشهد رقم “1”..!

منذر المهدوي – ليبيا

اترك رد

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s