ياله من صباح الخير!
كانت النظرات تتلاقى بين الفينة والأخرى في الصباحات التي يتصادف تواجدهما في ذات الوقت الذي يذهبان فيه إلى المدرسة.
هو في العادة دا ئما ينتظر زميله وصديقه ابن الجيران في طرف الشارع.
هي الأخرى ابنة الجيران، وكانت لاتذهب إلى مدرستها إلا برفقة صديقتها وزميلتها التي تسكن بذات الحي. كانت تلك النظرات مجرد نظرات عابرة من كلاهما كما لوكانا قد اكتشفا للمرة الأولى انهما ابناء جيران، فهو لايعرف اسمها، ولا هي تعرف اسمه على مايبدو.
استمر هذا الوصال الاستكشافي الصامت الذي يلفه الغموض على مدى أشهر، إلى أن فاجاته ذات صباح ظهرت فيه لأول مرة من دون رفيقتها بقولها له “صباح الخير” عند مرورها بجانبه.
تلك “التصبيحة” غير المنتظرة هزت كيانه وسرت في بدنه قشعريرة ممتعةبفعل انسكاب الادرينالين والدوبامين بغزارة داخل شرايينه، انساب معها رد غير محسوب منه بقوله “ياصباح النور والسرور لأحلى صباح”.
ارتسمت على ملامحها ابتسامة وعلت وجهها الأبيض الجميل حمرة زادته جمالا، وتسارعت خطواتها مبتعدة كما لوكانت هي الأخرى قد وقعت في فخ الادرينالين والدوبامين.
عقب ذلك بوقت قصير تشابكت الايادي وتعانقت القلوب وازداد نبضها بإيقاع محبب بدأ يتكرر كل صباح إلى أبعد مدى.
لقد كانت تلك “التصبيحة” هي كلمة السر التي كسرت جمود وحيرة تلك النظرات الملفوفة بالغموض،وكانت المفتاح السحري لأجمل قصة حب أضحت حكاية الحي كله على مدى سنوات.
إدريس أبوالقاسم – ليبيا
