الحسين.. نهرٌ يتدفَّق في مجرى أبديَّته – جاسم الصحيح – السعودية

‏مِنْ خلفِ جُرْحِكَ لا تُصَلِّي الأَحرُفُ

‏حتَّى يُوَضِّئَها بما هُوَ ينزفُ

‏الجرحُ ليسَ سوى إمامِ قيامةٍ

‏والمؤمنونُ بهِ الذين اسْتُضْعِفوا

‏الجرحُ مسرانا إليكَ، دليلُنا

‏عبر الدروبِ، حنينُنا المُتَلَهِّفُ

‏الجرحُ منظارٌ بـقَلْبِكَ مُوغِلٌ

‏أَبَداً يُطِلُّ على الخلودِ، ويُشْرِفُ

‏ يا قارئَ الأجيالِ أَعمقَ رؤيةً

‏ مِمَّا بِها قَرَأَ السنابلَ، (يوسفُ)

‏المجدُ للرأسِ (القطيعِ) فلم يزلْ

‏يُعلي الرؤوسَ بمجدِهِ، ويُشَرِّفُ

‏ما أَخَّرَتْ عنكَ الحياةُ سجالَها

‏في كلِّ ما نَسَجَ الرُّواةُ وأَلَّفُوا

‏يتساءلونَ عن انتفاضةِ وَجْدِنَا:

‏ما سِرُّ هذا الوجدِ؟! كيفَ يُكَفْكَفُ؟!

‏رَبَّى لَكَ التاريخُ أشرفَ دمعةٍ

‏في الأرضِ حيثُ الدمعُ لا يَتَزَلَّفُ

‏أَمُوَفِّيًا كيلَ الفداءِ بـروحِهِ..

‏ها نحنُ في كيلِ الوفاءِ نُطَفِّفُ!

‏أَهْدَيْتَنَا الإعصارَ -ذاتَ قيامةٍ-

‏بـيَدٍ تشيرُ: تَعَلَّمُوا أنْ تَعْصِفُوا!

*******

‏يا أوَّل الدَّمِ في حكايةِ ثورةٍ

‏تُطوَى عليكَ فصولُها، وتُغَلَّفُ

‏أَشْجَى حصانَكَ أنْ رأى بكَ فارساً

‏شهماً، يرقُّ على الحياةِ ويعطفُ

‏فـبَكَاكَ في وهج المعاركِ حينما

‏لم يلقَ مَنْ يحنو عليكَ ويرأفُ

‏وهناكَ سَيَّلْتَ الصهيلَ جداولاً

‏ترتادُها خيلُ الزمانِ وترشفُ 

‏وَقَفَ الإلهُ مدافعاً عن مجدِهِ

‏في (كربلائِـ)ـكَ.. والألوهةُ موقفُ!

‏رفقاً بـخيبةِ قاتليكَ، ورأفةً

‏إنْ قَطَّعَتْكَ رماحُهُمْ والأسيفُ

‏هذي رفاتُكَ في الشعوبِ تَوَزِّعَتْ

‏فأضاءَ منكَ لكلِّ شعبٍ (مصحفُ)

‏مُذْ صاحَتِ الدنيا: (حسييين) ولم يزلْ

‏لحنُ انسجامِ الكونِ باسمكَ يُعْزَفُ

‏ما غِبتَ في جُبِّ السنين، وإنَّما

‏تفتضُّ أوردةَ العصورِ وتزحفُ

‏هذا ضميرُ الحرفِ يغمسُ كَفَّهُ

‏فيما تَجَمَّرَ من لظاكَ، ويغرفُ

‏الحبرُ ما لم يَعْتَنِقْكَ مُزَوَّرٌ

‏والفكرُ ما لم يَعْتَمِرْكَ مُزَيَّفُ

‏والحبُّ دون هواكَ نبعٌ غائرٌ

‏والوعيُ دون رؤاكَ قاعٌ صفصفُ

‏حَمَّلْتَنَا بالوجدِ ألفَ صبابةٍ

‏فنكادُ من صلصالِنا نتخفَّفُ

‏فإذا تطرَّف مغرموكَ وأحرقوا

‏وجهَ الحقيقةِ، فالغرامُ تَطَرُّفُ!

‏زيتُ القناديلِ الجريحةِ لم يزلْ

‏بـضِيَاكَ في مشكاتِهِ يَتَصَوَّفُ

‏ضَعْنَا على مرمى الحقيقةِ، إنَّنا

‏عبر احتمالاتِ الجهاتِ نُهَدِّفُ

‏واطمثْ بمائِكَ رَحْمَ كلِّ إرادةٍ

‏عَقِمَتْ، فماؤُكَ بالخصوبةِ ينطفُ

‏لَكَ أنْ نُوَظِّبَ في قلوبِ صغارِنا

‏درسَ النضالِ.. ونبضُها لا يرجفُ!

********

‏يا مالئاً منِّي الخيالَ بـصُورةٍ

‏عُظمى، يغصُّ بها الخيالُ الأجوفُ

‏بين (المُخَيَّمِ) و(الفراتِ) إِخالُني

‏أسعى بـمُهْرِ قصيدتي، وأُطَوِّفُ

‏والوقتُ من سهرٍ يفيضُ ومن دَمٍ..

‏والأرضُ يقضمُها الطغاةُ فـتَنْحَفُ!

‏وأراكَ تقدحُ منكَ ألفَ شرارةٍ

‏فتطيرُ ألفُ فراشةٍ وترفرفُ

‏يتوهَّج المعنى فـتُزْهِرُ فكرةٌ

‏وتُشِعُّ بالنُّقَطِ الوضاءِ، الأحرفُ

‏وأنا أخرُّ على البياضِ مُضَرَّجًا

‏بالنصِّ حيث دمُ الشهادةِ يرعفُ

‏عينايَ آخرُ خيمتينِ بـ(ـكربلا)

‏محروقتينِ بهاجسٍ لا يُذْرَفُ

‏ثَقَّفْتُ دمعيَ في عزاكَ فـخانَني..

‏ما ثَـمَّ دمعٌ في العزاءِ يُثَقَّفُ!

‏لا حزنَ في حزنٍ يُفَلْسِفُ نَفْسَهَ..

‏الحزنُ حيث الحزنُ لا يتفلسفُ!

‏نحتاجُ أنْ نبكيكَ أكثرَ، طالما

‏بالدمعِ يَصْقُلُناَ البكاءُ ويُرْهِفُ

‏هيهاتَ يرضَى عن طهارةِ نَفْسِهِ

‏مَنْ لا يُطَهِّرُهُ الأسَى ويُنَظِّفُ!

*********

‏قَسَمًا بـبَعْضِكَ.. ما هناكَ عظيمةٌ

‏في الدَّهرِ تُقْنِعُنِي -بـكُلِّكَ- أحلفُ

‏قلبي عليكَ تَجَذَّرَتْ نَبَضَاتُهُ

‏نَخْلاً بآهاتِ الأسَى يَتَسَعَّفُ

‏من فيضِ نحرِكَ فاضَ نهرُ مبادئي

‏واجتاحَ ما زَعَمَ الطغاةُ، وأَرْجَفُوا

‏لم يَحْرِفُوني عن محطَّاتِ الفدى

‏فأنا وراءَكَ فكرةٌ لا تُحْرَفُ

‏بعضي يُغَطِّينِي ببعضيَ مثلما

‏حقلٌ عليهِ من السنابلِ شرشفُ

‏أَتْبَعْتُ غربتَكَ السحيقةَ غربتي

‏والدربُ يجمعُ خطوَنا، ويُؤَلِّفُ

‏في داخلي قمرٌ يضيءُ، وخارجي

‏قمرٌ ولكنْ من ضِيَاهُ مُجَفَّفُ

‏ما دامت الدنيا طريقَ مُهاجِرٍ

‏ستظلُّ فيها غربتي تَتَكَثَّفُ

********

قصيدة: الحسين.. نهرٌ يتدفَّق في مجرى أبديَّته

‏ جاسم الصحيح – السعودية

اترك رد

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s