غنيتُ للخبزِ حتى اسمرَّ من ألمي
لا توقظوا الأرض فهْي استمرأتْ حلمي
ما زلت أحفر قلبي حثني ظمأ
كهلٌ تذوقَ من قارورةِ العدمِ
سقيتُ ماءَ انعكاسِي الوردَ متكئا
على الذبولِ يسلي الموتَ بالسقَمِ
أكون يا تيهُ للصحراء تسليةً
فكن سرابًا سخيَّ الوهم كن قَدَمي
أحسست بالتاركين الشمسَ عاريةً
بلا صباحٍ فوعدُ الضوءِ لم يدمِ
الساعةُ الآنَ خيباتٌ بلا زمنٍ
وعقربُ الجرحِ مسلوبٌ من الرقَمِ
أقولُ للحربِ مري فوق لوحتنا
جودي علينا بسرياليةِ النقمِ
مسافةُ الخدِّ عن قبلاتنا وقفت
خلف المتاريسِ خلف الدرع والعلمِ
يدي التي تنبش الأحزان ما رجعتْ
فحنطوا بصماتِ الذنبِ والتهمِ
أبكي بلا أدمعٍ أنهارَ هاويةٍ
فالدمعُ آخر ما استهلكتُ من قممِ
لم تأخذ الأرض من كفيَّ شهقتها
ما زلت أحرسها بالصمتِ والصممِ
مسافرٌ بيننا لم ينتشلْ جهةً
من الغيابِ ومرساةً بعمقِ دمِ
اعثر عليّ أيا قاموسُ لم أرني
لفظًا حبيسًا بحلم العُرْبِ والعجمِ
تسَلَّقَ الشعرَ منفاهُ فأسقطَهُ
قبلَ الكلامِ وما رممتُهُ بفمي
أطلت أبني جمودي شكلَ أغنية
بلا حراكٍ لكي لا يشتكي صنمي
جرحتُ كل المرايا ليتها نزفت
لكنها حبلتْ بالصخرِ والعقُمِ
يا إخوة الجوع حتى الخبز متهمٌ
بما يدور بحرب الدمع واللقمِ
للموت آخرُ مقهىً، باعَ نادلُهُ
نعشَ القصائدِ يتلو رغوةَ الندمِ
علام ترتفع الأصواتُ ثانيةً
ولادةَ الميِّتِ المنفيِّ للرحمِ
أنهى موسيقار تابوتٍ إشارته
الأولى طلاقًا لزوج الناي والنغمِ
قيامةٌ بين أقلامٍ وأروقةٍ
هل تَبعثُ المرجَ غزلانٌ من الحُطَمِ
الكوكبُ الغَصةُ الكبرى أيبلع يا
أنفاسَه نفسَهُ من وجبة العدمِ
أنهارُ “كلا” شتاتٌ من شِفاه قرىً
والدلوُ جف ولم يعثر على نعمِ
والنجمُ أومضَ بالأخشابِ، حيلتُهُ
أن يصلبَ الضوءَ بين الغارِ والحرمِ
رأيتُ أبوابَ حيِّ البوحِ موصدةً
محشوةً بغبارٍ قاحلِ القيمِ
أعدتُ تغريدَ عصفورٍ تأمنني
منقارَه بصباحٍ فائضِ القِدَمِ
عينٌ تفتشُ عن وجهٍ مشردةً
تتلُّ أنظارَها، جسرُ الحواسِ عَمِي
نوافذٌ عاقرٌ جدرانُها ولدَت
جيلا من الغضِّ والإغماضِ والعِتَمِ
أمشي إلى لغةٍ لم تستجب لغدٍ
بها استجارَ، على عكازة القلمِ
ماذا أقول بكاءٌ يستتب بلا
غاراتِ نايٍ، وكعكٌ غيرُ مبتسمِ
قصيدة: غنائي الذي لم أسمعه
أحمد الماجد
شاعر سعودي – القطيف
03/04/2018م
