ذاكِـــرَةٌ أُخْـــرى لِلْغِنـــاءِ
بِـبَـيْــتٍ مِــنَ الصَّـبــرِ جِـئْــتُ أُغَنّـي
بِحَشْــرَجَــةٍ فَـــوْقَ سَطْـــرِ التَّمَنّـي
بِعـــودٍ عَــزَفْـــتُ عَـلَـيْــهِ الْأَمــانــي
وحيــنَ نَـمــا لَحْـنُــهُ لَــمْ يَـسَـعْـنـي
مَـعـي ألْـــفُ دَمْـعَــةِ حُـلْــمٍ قَـديــمٍ
نَثَــرْنَ الْـهُـمـــومَ فَجَــرَّحْــنَ جَفْنـي
مَعـي قَــدْرَ هــذا السَّـــرابِ أُنــاسٌ
يَعيثــونَ مِثْــلَ الْأفــاعي بِحِضْنـي
فَـتـَحْــتُ لَـهُــمْ كُــلَّ أَبْــوابِ قَـلْـبي
وقُلْــتُ ادْخُلُــوا فـي أَمــانٍ وأَمْــنِ
فَخانــوا ومــازِلــتُ وَحْــدي وَفِيًــا
ومـازِلــتُ أَحْيــا علــى حُسْـنِ ظَنِّي
وكُـنْــتُ كَـمــا أَخْـبــرونــي كَـثـيــرًا
بـَــريـئًــــا أُزيـــنُ الْـحَـيــــاةَ بِّفَنِّــي
أَعــيــشُ بِـكِـسْـــرَةِ نـَصٍ جَـمـيـــلٍ
وكُــوبٍ مِــن الـشِّـعْــرِ يَمْــلَأُ عَيْنـي
أُجَـمِّــعُ فـي الَّليـلِ حُلْـمَ الْعَطــاشى
وأَصْحـو مَـعَ الْفَجْــرِ أَعْصِـرُ مُـزْنـي
أَمُــدُّ بِـحَـجْـــمِ الْـمــواجِـــعِ نَهْــــرًا
لِيُطْـفـيءَ مــا بـَيْــن أَمْسـي وبَيْنـي
ومِـثْـلــي كَـكُــلِّ الْـمُـحِـبـيـنَ يَنْـمــو
مَــعَ الْحُــزْنِ ضِلْــعٌ جَـديـدٌ لِغُصْنـي
أُعَـلِّـــقُ فيــــهِ الصَّبــاحــاتِ حَتَّــى
يُطِـــلَّ صَبـــاحٌ عَلى وَقْـــعِ لَحْـنــي
يـَـقـــولـــونَ إِنَّ الــزَّمــــانَ بَــــريءٌ
أَقـــولُ فَكَيْـــفَ إِذنْ صــارَ سِجــني؟
وكَيـفَ تَمـــوتُ الْحُـــروفُ إِذا مـــا
تَـحَـــدَّثَ ثَـغْـــرُ الْقَصيـــــدَةِ عَنــي؟
عَظيـــمٌ أَنيـــنُ الْمســاكيـــنِ لَـكِــنْ
عَــنْ الصُّــمِّ فـي عالَمــي لا تَسَلْـني
أَئـِـــنُ يَـقــولــونَ بَــعْـــضُ غِـنــــاءٍ
وأَبْـكـــي يَقــولـــونَ وَيْــحَ الْمُغَنِّـي
عـُـــراةُ الْـمَـبــــاديء فــي كُــلِّ وادٍ
أَراهُــــمْ بـِأَلْـــــفِ قِـنــــاعٍ ولـَــــونِ
لَهـــمْ رَقْصَــــةٌ فـي جَميــعِ الْجِهاتِ
وصَـــوتٌ خَـبـيــثٌ يُجـيـــدُ التَّثَنـي
لَهُـــمْ لَــوْ أَرادوا الصُّعـــودَ سَبـايــا
تَــمـُــــدُّ الْأَكُــــفَّ بِـــــذُلٍ وجُـبْــــنِ
مَـتــى تَفْــــرَحُ الْأَرْضُ بالطَّــيِّبيـــنَ
وتَـطْـــرَحُ كَــــوْنًــا بِـــلا أَيِّ حُـــزْنِ
مَتــى يَـجِــــدُ الْأَنْــقِيــــاءُ حَيـــــاةً
بِهــا لا يُــــرَدُّ الْــوَفــــاءُ بِـــطَـعْـــنِ
هُنـــاكَ عَلـى بـــابِ هَـــذا الــزَّمــانِ
تَرَكْـــتُ مَتـاعِـــيَ مِــنْ دونِ رَهْـــنِ
وجِــئْــتُ لِأَرْسُـــمَ وَجْـــهَ الّليــالــي
بِغَيْــــرِ انْكِســــارٍ وزَيْــــفٍ وَوَهْـــنِ
وعُـــدتُ بِحِمْــــلٍ ثَقيـــلِ الْجِـــراحِ
أَجُـــرُّ ثِـيـــابَ الـضَّــنى والـتَّـجَـني
فَمــا كُنْـــتُ إِلّا انْتِـفـــاضَـــةَ شِعْــرٍ
وُلِـدتُ عَلى السَّطْــرِ مِـنْ غَيْـرِ وَزْنِ
هبة الفقي
صحيفة المنبر 