هجرتكِ يا دنياي – عبدالوهاب أبوزيد

هجرتكِ يا دنياي من غير رجعةِ

‏وكانت إلى وادٍ من الشعرِ هجرتي

‏تجلّى على طوري وأبصرتُ وجهه

‏وبدّدتُ بالإيمانِ شكي وحيرتي

‏وناجيتُهُ في عتمةِ الليلِ خاشعًا

‏وصليتُ في محرابهِ ألفَ ركعةِ

‏وطفتُ به سبعًا كما طافَ محرمٌ

‏من النَاسِ يوم الحج من حول كعبةِ

وهرولتُ ما بيني وبين قصيدتي

‏كما هرول الحجاجُ في بيت مكةِ

‏ونادمتها سرًا وجهرًا فلم أذق

‏ولا هي ذاقت مثل كأسي وخمرتي

‏تراها إذا ما أورقت في أناملي

‏فتبصرني فيها وتعروك حيرتي

‏وتسمعني فيها فهمسيَ همسها

‏وصرختها إنْ ترهفِ السمعَ صرختي

كأني أنا والشعر في الأرض توأمٌ

‏كبرنا معًا حتى غزا الشيبُ لمّتي

‏تنادي إذا ما غبت عنها هنيهةً:

‏حبيبي! وإن غابت أنادي: حبيبتي!

‏وإن أُثقلت بالنوم عيني وجدتها

‏تراودني في الحلم من بعد هجعتي

‏كأنا خلقنا كي نكون لنا معًا

‏كما شاءت الأقدار من بعد غربة

فما ننتهي في الحب إلا لتبتدي

‏لنا رحلةٌ ما أشبهتْ أيَّ رحلةِ

‏سرينا معًا في الأبجدية مثلما

‏سرتْ نجمةٌ في الليل في كفِّ نجمةِ

‏أميل بأعضائي عليها فينثني

‏عليّ جناحاها برفقٍ ورقةِ

‏كأني أنا الفلاحُ في الحقل عاكفًا

‏عليها لأحمي تمرها وهي نخلتي

تقطرني حرفًا فحرفًا كأنني

‏بها مطرٌ ينهلُّ من ضَرْعِ غيمةِ

‏وتكتبني حتى تخيلتني صدىً

‏لها في تضاريسٍ من الأرضِ وعرةِ

‏كأني أنا المرآةُ أبصرتُ وجهها

‏فأيقنتُ أن الشعر وجهي ووجهتي

‏أنا ظلها في الأرض ما زلتُ أنتمي

‏إليها وأتلو وِردها وهي قِبلتي

عبدالوهاب أبوزيد

اترك رد

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s